الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        86 حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا وهيب قال حدثنا هشام عن فاطمة عن أسماء قالت أتيت عائشة وهي تصلي فقلت ما شأن الناس فأشارت إلى السماء فإذا الناس قيام فقالت سبحان الله قلت آية فأشارت برأسها أي نعم فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب على رأسي الماء فحمد الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه ثم قال ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار فأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريب لا أدري أي ذلك قالت أسماء من فتنة المسيح الدجال يقال ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن لا أدري بأيهما قالت أسماء فيقول هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا هو محمد ثلاثا فيقال نم صالحا قد علمنا إن كنت لموقنا به وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته [ ص: 220 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 220 ] قوله : ( هشام ) هو ابن عروة بن الزبير . عن ( فاطمة ) هي بنت المنذر بن الزبير وهي زوج هشام وبنت عمه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أسماء ) أي بنت أبي بكر الصديق زوج الزبير بن العوام وهي جدة هشام وفاطمة جميعا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقلت ما شأن الناس ) أي : لما رأت من اضطرابهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فأشارت ) أي عائشة إلى السماء أي : انكسفت الشمس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فإذا الناس قيام ) كأنها التفتت من حجرة عائشة إلى من في المسجد فوجدتهم قياما في صلاة الكسوف ، ففيه إطلاق الناس على البعض .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقالت سبحان الله ) أي : أشارت قائلة سبحان الله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت آية ) هو بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي : هذه آية أي : علامة ، ويجوز حذف همزة الاستفهام وإثباتها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقمت ) أي : في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى علاني ) كذا للأكثر بالعين المهملة وتخفيف اللام ، وفي رواية كريمة تجلاني بمثناة وجيم ولام مشددة ، وجلال الشيء ما غطي به . والغشي بفتح الغين وإسكان الشين المعجمتين وتخفيف الياء وبكسر الشين وتشديد الياء أيضا هو طرف من الإغماء ، والمراد به هنا الحالة القريبة منه فأطلقته مجازا ، ولهذا قالت : فجعلت أصب على رأسي الماء أي : في تلك الحال ليذهب . ووهم من قال بأن صبها كان بعد الإفاقة ، وسيأتي تقرير ذلك في كتاب الطهارة ، ويأتي الكلام على هذا الحديث أيضا في صلاة الكسوف إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أريته ) هو بضم الهمزة . قوله : ( حتى الجنة والنار ) رويناه بالحركات الثلاث فيهما .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مثل أو قريبا ) كذا هو بترك التنوين في الأول وإثباته في الثاني ، قال ابن مالك ، توجيهه أن أصله مثل فتنة الدجال أو قريبا من فتنة الدجال ، فحذف ما أضيف إلى مثل وترك على هيئته قبل الحذف ، [ ص: 221 ] وجاز الحذف لدلالة ما بعده عليه ، وهذا كقول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        بين ذراعي وجبهة الأسد

                                                                                                                                                                                                        تقديره : بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد وقال الآخر :

                                                                                                                                                                                                        أمام وخلف المرء من لطف ربه     كوالئ تزوي عنه ما هو يحذر

                                                                                                                                                                                                        وفي رواية بترك التنوين في الثاني أيضا ، وتوجيهه أنه مضاف إلى فتنة أيضا ، وإظهار حرف الجر بين المضاف والمضاف إليه جائز عند قوم . وقوله : " لا أدري أي ذلك قالت أسماء " جملة معترضة بين بها الراوي أن الشك منه هل قالت له أسماء مثل أو قالت قريبا ، وستأتي مباحث هذا المتن في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : وقع في نسخة الصغاني هنا : قال ابن عباس مرقدنا مخرجنا . وفي ثبوت ذلك نظر لأنه لم يقع في الحديث لذلك ذكر وإن كان قد يظهر له مناسبة . وقد ذكر ذلك في موضعه من سورة يس .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية