الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب كيف تهل الحائض والنفساء أهل تكلم به واستهللنا وأهللنا الهلال كله من الظهور واستهل المطر خرج من السحاب وما أهل لغير الله به وهو من استهلال الصبي

                                                                                                                                                                                                        1481 حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا فقدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك قالت فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا [ ص: 486 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 486 ] قوله : ( باب كيف تهل الحائض والنفساء ) أي كيف تحرم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أهل تكلم به . . . إلخ ) هكذا في رواية المستملي والكشميهني . وليس هذا مخالفا لما قدمناه من أن أصل الإهلال رفع الصوت لأن رفع الصوت يقع بذكر الشيء عند ظهوره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وما أهل لغير الله به وهو من استهلال الصبي ) أي أنه من رفع الصوت بذلك ، فاستهل الصبي أي رفع صوته بالصياح إذا خرج من بطن أمه ، وأهل به لغير الله أي رفع الصوت به عند الذبح للأصنام ، ومنه استهلال المطر والدمع وهو صوت وقعه بالأرض ، ومن لازم ذلك الظهور غالبا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فأهللنا بعمرة ) قال عياض : اختلفت الروايات في إحرام عائشة اختلافا كثيرا . قلت : وسيأتي بسط القول فيه بعد بابين في " باب التمتع والقران " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال : انقضي رأسك ) هو بالقاف وبالمعجمة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وامتشطي وأهلي بالحج ) وهو شاهد الترجمة ، وقد سبق في كتاب الحيض بلفظ : وافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت . وسيأتي بقية الكلام عليه بعد هذا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم طافوا طوافا آخر ) كذا للكشميهني ، والجرجاني ، ولغيرهما : " طوافا واحدا " . والأول هو الصواب ، قاله عياض ، قال الخطابي : استشكل بعض أهل العلم أمره لها بنقض رأسها ثم بالامتشاط ، وكان الشافعي يتأوله على أنه أمرها أن تدع العمرة وتدخل عليها الحج فتصير قارنة ، قال : وهذا لا يشاكل القصة . وقيل : إن مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة استباح ما يستبيحه الحاج إذا رمى الجمرة ، قال : وهذا لا يعلم وجهه . وقيل : كانت مضطرة إلى ذلك . قال : ويحتمل أن يكون نقض رأسها كان لأجل الغسل لتهل بالحج ، لا سيما إن كانت ملبدة فتحتاج إلى نقض الضفر ، وأما الامتشاط ، فلعل المراد به تسريحها شعرها بأصابعها برفق ، حتى لا يسقط منه شيء ثم تضفره كما كان .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية