الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء


                                                                                                                                                                                                        1546 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن زينب عن أم سلمة رضي الله عنها شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ح وحدثني محمد بن حرب حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكرياء الغساني عن هشام عن عروة عن أم سلمة زوج النبي رضي الله عنها صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بمكة وأراد الخروج ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ففعلت ذلك فلم تصل حتى خرجت

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب من صلى ركعتي الطواف خارجا من المسجد ) هذه الترجمة معقودة لبيان إجزاء [ ص: 569 ] صلاة ركعتي الطواف في أي موضع أراد الطائف وإن كان ذلك خلف المقام أفضل ، وهو متفق عليه إلا في الكعبة أو الحجر ، ولذلك عقبها بترجمة من صلى ركعتي الطواف خلف المقام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وصلى عمر خارجا من الحرم ) سيأتي شرحه في الباب الذي يلي الباب بعده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أم سلمة قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وحدثني محمد بن حرب إلخ ) هكذا عطف هذه على التي قبلها وساقه هنا على لفظ الرواية الثانية ، وتجوز في ذلك فإن اللفظين مختلفان ، وقد تقدم لفظ الرواية الأولى في : " باب طواف النساء مع الرجال " ويأتي بعد بابين أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يحيى بن أبي زكريا الغساني ) هو يحيى بن يحيى اشتهر باسمه واشتهر أبوه بكنيته ، والغساني بغين معجمة وسين مهملة مشددة نسبة إلى بني غسان ، قال أبو علي الجياني : وقع لأبي الحسن القابسي في هذا الإسناد تصحيف في نسب يحيى فضبطه بعين مهملة ثم شين معجمة ، وقال ابن التين : قيل هو العشاني بعين مهملة ثم معجمة خفيفة نسبة إلى بني عشانة ، وقيل هو بالهاء يعني بلا نون نسبة إلى بني عشاه . قلت : وكل ذلك تصحيف ، والأول هو المعتمد . قال ابن قرقول : رواه القابسي بمهملة ثم معجمة خفيفة وهو وهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن هشام ) هو ابن عروة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عروة عن أم سلمة ) كذا للأكثر ، ووقع للأصيلي ، عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة ، وقوله : " عن زينب " زيادة في هذه الطريق فقد أخرجه أبو علي بن السكن ، عن علي بن عبد الله بن مبشر ، عن محمد بن حرب شيخ البخاري فيه ليس فيه زينب ، وقال الدارقطني في : " كتاب التتبع " في طريق يحيى بن أبي زكريا هذه : هذا منقطع ، فقد رواه حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أمها أم سلمة ولم يسمعه عروة عن أم سلمة . انتهى . ويحتمل أن يكون ذلك حديثا آخر فإن حديثها هذا في طواف الوداع كما بيناه قبل قليل ، وأما هذه الرواية فذكرها الأثرم قال " قال لي أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - حدثنا أبو معاوية ، عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه يوم النحر بمكة . قال أبو عبد الله : هذا خطأ ، فقد قال وكيع ، عن هشام عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة . قال : وهذا أيضا عجيب ، ما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمكة ؟ وقد سألت يحيى بن سعيد - يعني القطان - عن هذا فحدثني به عن هشام بلفظ أمرها أن توافي ليس فيه هاء . قال أحمد : وبين هذين فرق ، فإذا عرف ذلك تبين التغاير بين القصتين ، فإن إحداهما صلاة الصبح يوم النحر والأخرى صلاة صبح يوم الرحيل من مكة " وقد أخرج الإسماعيلي حديث الباب من طريق حسان بن إبراهيم و علي بن هاشم ومحاضر بن المورع وعبدة بن سليمان ، وهو عند النسائي أيضا من طريق عبدة كلهم عن هشام عن أبيه عن أم سلمة وهذا هو المحفوظ ، وسماع عروة من أم سلمة ممكن فإنه أدرك من حياتها نيفا وثلاثين سنة وهو معها في بلد واحد ، وقد تقدم الكلام على حديث أم سلمة في : " باب طواف النساء مع الرجال " وموضع الحاجة منه هنا قوله في آخره " فلم يصل حتى خرجت " أي من المسجد أو من مكة ، فدل على جواز صلاة الطواف خارجا من المسجد إذ لو كان ذلك شرطا لازما لما أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على [ ص: 570 ] ذلك . وفي رواية حسان عند الإسماعيلي : إذا قامت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك من وراء الناس وهم يصلون . قالت ففعلت ذلك ولم أصل حتى خرجت " أي فصليت وبهذا ينطبق الحديث مع الترجمة ، وفيه رد على من قال يحتمل أن تكون أكملت طوافها قبل فراغ صلاة الصبح ثم أدركتهم في الصلاة فصلت معهم صلاة الصبح ورأت أنها تجزئها عن ركعتي الطواف ، وإنما لم يبت البخاري الحكم في هذه المسألة لاحتمال كون ذلك يختص بمن كان له عذر لكون أم سلمة كانت شاكية ولكون عمر إنما فعل ذلك لكونه طاف بعد الصبح وكان لا يرى التنفل بعده مطلقا حتى تطلع الشمس كما سيأتي واضحا بعد باب ، واستدل به على أن من نسي ركعتي الطواف قضاهما حيث ذكرهما من حل أو حرم وهو قول الجمهور ، وعن الثوري يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم ، وعن مالك إن لم يركعهما حتى تباعد ورجع إلى بلده فعليه دم ، قال ابن المنذر : ليس ذلك أكثر من صلاة المكتوبة وليس على من تركها غير قضائها حيث ذكرها .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية