الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح وما يكره من ذلك

                                                                                                                                                                                                        2112 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا يزيد بن زريع أخبرنا عوف عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح قال أبو عبد الله سمع سعيد بن أبي عروبة من النضر بن أنس هذا الواحد [ ص: 486 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 486 ] قوله : ( باب بيع التصاوير التي ليس فيها روح; وما يكره من ذلك ) أي : من الاتخاذ أو البيع أو الصنعة أو ما هو أعم من ذلك ، والمراد بالتصاوير الأشياء التي تصور . ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - حديث ابن عباس مرفوعا : " من صور صورة فإن الله معذبه " الحديث ، وجه الاستدلال به على كراهية البيع وغيره واضح ، وسعيد بن أبي الحسن راويه عن ابن عباس هو أخو الحسن البصري وهو أسن منه ومات قبله وليس له في البخاري موصولا سوى هذا الحديث ، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فربا الرجل ) بالراء والموحدة أي : انتفخ ، قال الخليل : ربا الرجل أصابه نفس في جوفه وهو الربو والربوة; وقيل : معناه ذعر وامتلأ خوفا . وقوله : ربوة بضم الراء وبفتحها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح ) كذا في الأصل بخفض " كل " على أنه بدل كل من بعض; وقد جوزه بعض النحاة . ويحتمل أن يكون على حذف مضاف أي : عليك بمثل الشجر ، أو على حذف واو العطف أي : وكل شيء ، ومثله قولهم في التحيات : " الصلوات " إذ المعنى : " والصلوات " ، وبهذا الأخير جزم الحميدي في جمعه ، وكذا ثبت في رواية مسلم والإسماعيلي بلفظ : " فاصنع الشجر وما لا نفس له " ولأبي نعيم من طريق هوذة عن عوف : " فعليك بهذا الشجر وكل شيء ليس فيه روح " بإثبات واو العطف ، وقال الطيبي قوله : " كل شيء " هو بيان للشجر ؛ لأنه لما منعه عن التصوير وأرشده إلى الشجر كان غير واف بمقصوده ولأنه قصد كل ما لا روح فيه ولم يقصد خصوص الشجر ، وقوله : كل بالخفض ويجوز النصب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال أبو عبد الله ) هو المصنف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمع سعيد بن أبي عروبة من النضر بن أنس هذا الواحد ) أي : الحديث ، سقطت هذه الزيادة من رواية النسفي هنا ، وأشار بذلك إلى ما أخرجه في اللباس من طريق عبد الأعلى عن سعيد عن النضر عن ابن عباس بمعناه ، وسأذكر ما بين الروايتين من التغاير هناك إن شاء الله تعالى . ثم وجدت في نسخة الصغاني قبل قوله : " سمع سعيد " ما نصه : " قال أبو عبد الله : وعن محمد عن عبدة عن سعيد بن أبي عروبة سمعت النضر بن أنس قال كنت عند ابن عباس " بهذا الحديث وبعده " قال أبو عبد الله : سمع سعيد إلخ " فزال الإشكال بهذا ، ولم أجد هذا في شيء من نسخ البخاري إلا في نسخة الصغاني ، ومحمد المذكور هو ابن سلام ، وعبدة هو ابن سليمان .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية