الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب شهادة المختبي وأجازه عمرو بن حريث قال وكذلك يفعل بالكاذب الفاجر وقال الشعبي وابن سيرين وعطاء وقتادة السمع شهادة وكان الحسن يقول لم يشهدوني على شيء وإني سمعت كذا وكذا

                                                                                                                                                                                                        2495 حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال سالم سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري يؤمان النخل التي فيها ابن صياد حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقي بجذوع النخل وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه وابن صياد مضطجع على فراشه في قطيفة له فيها رمرمة أو زمزمة فرأت أم ابن صياد النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتقي بجذوع النخل فقالت لابن صياد أي صاف هذا محمد فتناهى ابن صياد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بين [ ص: 296 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 296 ] قوله ( باب شهادة المختبئ ) بالخاء المعجمة أي الذي يختفي عند التحمل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأجازه ) أي الاختباء عند تحمل الشهادة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عمرو بن حريث ) بالمهملة والمثلثة مصغر ابن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي من صغار الصحابة ، ولأبيه صحبة ، وليس له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال وكذلك يفعل بالكاذب الفاجر ) كأنه أشار إلى السبب في قبول شهادته ، وقد روى ابن أبي شيبة من طريق الشعبي عن شريح أنه كان لا يجيز شهادة المختبئ ، قال : وقال عمرو بن حريث : كذلك يفعل بالخائن الظالم أو الفاجر ، وروى سعيد بن منصور من طريق محمد بن عبيد الله الثقفي أن عمرو بن حريث كان يجيز شهادته ويقول : كذلك يفعل بالخائن الفاجر ، وروي من طرق عن شريح أنه كان يرد شهادة المختبئ ، وكذلك الشعبي ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي في القديم وأجازها في الجديد إذا عاين المشهود عليه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال الشعبي وابن سيرين وعطاء وقتادة : السمع شهادة ) أما قول الشعبي فوصله ابن أبي شيبة عن هشيم عن مطرف عنه بهذا ورويناه في " الجعديات " قال : " حدثنا شريك عن الأشعث عن عامر وهو الشعبي قال : تجوز شهادة السمع إذا قال سمعته يقول وإن لم يشهده ، وقول الشعبي هذا يعارض رده لشهادة المختبئ ، ويحتمل أن يفرق بأنه إنما رد شهادة المختبئ لما فيها من المخادعة ولا يلزم من ذلك رده لشهادة السمع من غير قصد ، وهو قول مالك وأحمد وإسحاق ، وعن مالك أيضا الحرص على تحمل الشهادة قادح ، فإذا اختفى ليشهد فهو حرص ، وأما قول ابن سيرين وقتادة فسيأتي في " باب شهادة الأعمى " ، وأما قول عطاء وهو ابن أبي رباح فوصله الكرابيسي في " أدب القضاء " من رواية ابن جريج عن عطاء " السمع شهادة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكان الحسن يقول : لم يشهدوني على شيء ولكن سمعت كذا وكذا ) وصله ابن أبي شيبة من طريق يونس بن عبيد عنه قال : لو أن رجلا سمع من قوم شيئا فإنه يأتي القاضي فيقول : لم يشهدوني ولكن سمعت كذا وكذا وهذا التفصيل حسن ; لأن الله تعالى قال : ولا تكتموا الشهادة ، ولم يقل : " الإشهاد " فيفترق الحال عند الأداء ، فإن سمعه ولم يشهده وقال عند الأداء " أشهدني " لم يقبل ، وإن قال : " أشهد أنه قال كذا " قبل . ثم أورد المصنف فيه حديثين .

                                                                                                                                                                                                        أحدهما : حديث ابن عمر في قصة ابن صياد وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الفتن ، والغرض منه قوله فيه : " وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا قبل أن يراه " وقوله في آخره : " لو تركته بين " فإنه يقتضي الاعتماد على سماع الكلام وإن كان السامع محتجبا عن المتكلم إذا [ ص: 297 ] عرف الصوت ، وقوله : " يختل " بفتح أوله وسكون المعجمة وكسر المثناة أي يطلب أن يسمع كلامه وهو لا يشعر .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية