الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الشروط باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة

                                                                                                                                                                                                        2564 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه وأبى سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فرد يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما وجاءت المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق فجاء أهلها يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن إلى قوله ولا هم يحلون لهن قال عروة فأخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن إلى غفور رحيم قال عروة قالت عائشة فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بايعتك كلاما يكلمها به والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة وما بايعهن إلا بقوله [ ص: 368 ] [ ص: 369 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 368 ] [ ص: 369 ] قوله : ( باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة ) كذا لأبي ذر ، وسقط كتاب الشروط لغيره .

                                                                                                                                                                                                        والشروط جمع شرط بفتح أوله وسكون الراء وهو ما يستلزم نفيه نفي أمر آخر غير السبب ، والمراد به هنا بيان ما يصح منها مما لا يصح .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : " في الإسلام " أي عند الدخول فيه ، فيجوز مثلا أن يشترط الكافر أنه إذا أسلم لا يكلف بالسفر من بلد إلى بلد مثلا ، ولا يجوز أن يشترط أن لا يصلي مثلا .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : " والأحكام " أي العقود والمعاملات .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : " والمبايعة " من عطف الخاص على العام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يخبران عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) هكذا قال عقيل عن الزهري واقتصر غيره على رواية الحديث عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم ، وقد تبين برواية عقيل أنه عنهما مرسل ، وهو كذلك لأنهما لم يحضرا القصة ، وعلى هذا فهو من مسند من لم يسم من الصحابة فلم يصب من أخرجه من أصحاب الأطراف في مسند المسور أو مروان ، لأن مروان لا يصح له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا صحبة ، وأما المسور فصح سماعه منه لكنه إنما قدم مع أبيه وهو صغير بعد الفتح وكانت هذه القصة قبل ذلك بسنتين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لما كاتب سهيل بن عمرو ) هكذا اقتضب هذه القصة من الحديث الطويل ، وسيأتي بعد أبواب بطوله من وجه آخر عن ابن شهاب ، ويأتي الكلام عليه مستوفى هناك .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : " فامتعضوا " بعين مهملة وضاد معجمة أي أنفوا وشق عليهم ، قال الخليل : معض بكسر العين المهملة والضاد المعجمة من الشيء وامتعض : توجع منه . وقال ابن القطاع : شق عليه وأنف منه . ووقع من الرواة اختلاف في ضبط هذه اللفظة ، فالجمهور على ما هـنا ، والأصيلي والهمداني بظاء مشالة ، وعند القابسي امعضوا بتشديد الميم وكذا العبدوسي ، وعن النسفي انغضوا بنون وغين معجمة وضاد غير مشالة ، قال عياض : وكلها تغييرات ، حتى وقع عند بعضهم انفضوا بفاء وتشديد ، وبعضهم أغيظوا من الغيظ .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : " قال عروة فأخبرتني عائشة " هو متصل بالإسناد المذكور أولا ، وسيأتي شرحه مستوفى في أواخر النكاح .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية