الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما ينهى من دعوة الجاهلية

                                                                                                                                                                                                        3330 حدثنا محمد أخبرنا مخلد بن يزيد أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع جابرا رضي الله عنه يقول غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا وقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بال دعوى أهل الجاهلية ثم قال ما شأنهم فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها خبيثة وقال عبد الله بن أبي ابن سلول أقد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عمر ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث لعبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب ما ينهى من دعوى الجاهلية ) ينهى بضم أوله ودعوى الجاهلية الاستغاثة عند إرادة الحرب . كانوا يقولون : يا آل فلان ، فيجتمعون فينصرون القائل ولو كان ظالما ، فجاء الإسلام بالنهي [ ص: 632 ] عن ذلك ، وكأن المصنف أشار إلى ما ورد في بعض طرق جابر المذكور ، وهو ما أخرجه إسحاق بن راهويه والمحاملي في " الفوائد الأصبهانية " من طريق أبي الزبير عن جابر قال : " اقتتل غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار " فذكره الحديث ، وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوى الجاهلية قالوا لا . قال : لا بأس ، ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما ، فإن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وعرف من هذا أن الاستغاثة ليست حراما وإنما الحرام ما يترتب عليها من دعوى الجاهلية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا محمد ) كذا للجميع غير منسوب ، وهو ابن سلام كما جزم به أبو نعيم في " المستخرج " ، وأبو علي الجياني ، ويؤيد ذلك ما وقع في " الوصايا " بمثل هذه الطريق ، فعند الأكثر حدثنا محمد غير منسوب ، وعند أبي ذر حدثنا محمد بن سلام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( غزونا ) هذه الغزوة هي غزوة المريسيع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثاب معه ) بمثلثة وموحدة أي اجتمع .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( رجل لعاب ) أي بطال ، وقيل : كان يلعب بالحراب كما تصنع الحبشة ، وهذا الرجل هو جهجاه بن قيس الغفاري وكان أجير عمر بن الخطاب ، والأنصاري هو سنان بن وبرة حليف بني سالم الخزرجي ، وسيأتي بيان ذلك في تفسير سورة المنافقين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فكسع ) بفتح الكاف والمهملتين أي ضربه على دبره .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى تداعوا ) كذا للأكثر بسكون الواو بصيغة الجمع ، وفي بعض النسخ عن أبي ذر " تداعوا " بفتح العين والواو بصيغة التثنية ، والمشهور في هذا تداعيا بالياء عوض الواو ، وكأنه بقاها على أصلها بالواو .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( دعوها فإنها خبيثة ) أي دعوى الجاهلية ، وقيل : الكسعة ، والأول هو المعتمد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ألا نقتل ) بالنون وبالمثناة أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( هذا الخبيث لعبد الله ) اللام بمعنى عن والتقدير قال عمر يريد عبد الله ألا نقتل هذا الخبيث وسيأتي بقية شرح هذا الحديث في التفسير إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية