الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3365 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رءوسهم فكان أهل الكتاب يسدلون رءوسهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الخامس عشر حديث ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ) هذا هو المشهور عن ابن شهاب ، وعنه فيه إسناد آخر أخرجه الحاكم من طريق مالك عن زياد بن سعد عن أنس " سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله ، ثم فرق بعد " وأخرجه أيضا أحمد وقال : تفرد به حماد بن خالد عن مالك وأخطأ فيه ، والصواب عن عبيد الله بن عبد الله . وقال ابن عبد البر : الصواب عن مالك فيه عن الزهري مرسلا كما في الموطإ .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يسدل شعره ) بفتح أوله وسكون المهملة وكسر الدال ، ويجوز ضمها ، أي يترك شعر ناصيته على جبهته . قال النووي : قال العلماء المراد إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة ، أي بضم القاف بعدها مهملة . قوله : " ثم فرق بعد " بفتح الفاء والراء أي ألقى شعر رأسه إلى جانبي رأسه فلم يترك منه شيئا على جبهته ، ويفرقون بضم الراء وبكسرها وقد روى ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عروة عن عائشة قالت : " أنا فرقت لرسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه " أي شعر رأسه عن يافوخه ، ومن طريقه أخرجه أبو داود ، وفي حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه " إن انفرقت عقيقته - أي شعر رأسه الذي على ناصيته - فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه " قال ابن قتيبة في غريبه : العقيقة شعر رأس الصبي قبل أن يحلق ، وقد يطلق عليه بعد الحلق مجازا . وقوله : " كان لا يفرق شعره إلا إذا انفرق " محمول على ما كان أولا لما بينه حديث ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكان يحب موافقة أهل الكتاب ) أي حيث كان عباد الأوثان كثيرين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيما لم يؤمر فيه بشيء ) أي فيما لم يخالف شرعه لأن أهل الكتاب في زمانه كانوا متمسكين ببقايا من شرائع الرسل فكانت موافقتهم أحب إليه من موافقة عباد الأوثان ، فلما أسلم غالب عباد الأوثان أحب صلى الله عليه وسلم حينئذ مخالفة أهل الكتاب . واستدل به على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يجئ في شرعنا ما يخالفه ، وتعقب بأنه عبر بالمحبة ، ولو كان كذلك لعبر بالوجوب . وعلى التسليم ففي نفس الحديث أنه رجع عن ذلك آخرا والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية