الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3702 حدثنا يحيى بن بشر حدثنا روح حدثنا عوف عن معاوية بن قرة قال حدثني أبو بردة بن أبي موسى الأشعري قال قال لي عبد الله بن عمر هل تدري ما قال أبي لأبيك قال قلت لا قال فإن أبي قال لأبيك يا أبا موسى هل يسرك إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وجهادنا معه وعملنا كله معه برد لنا وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا رأسا برأس فقال أبي لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا وصمنا وعملنا خيرا كثيرا وأسلم على أيدينا بشر كثير وإنا لنرجو ذلك فقال أبي لكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا وأن كل شيء عملناه بعد نجونا منه كفافا رأسا برأس فقلت إن أباك والله خير من أبي

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال لي عبد الله بن عمر : هل تدري ) وقعت في هذا الحديث زيادة من رواية سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال : " صليت إلى جنب ابن عمر ، فسمعته حين سجد يقول " فذكر ذكرا وفيه " ما صليت صلاة منذ أسلمت إلا وأنا أرجو أن تكون كفارة ، وقال لأبي بردة : علمت أن أبي " فذكر حديث الباب رويناه في الجزء السادس من " فوائد أبي محمد بن صاعد " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( برد ) بفتح الموحدة والراء ( لنا ) أي ثبت لنا ودام ، يقال : برد لي على الغريم حق أي ثبت ، وفي رواية سعيد بن أبي بردة " خلص " بدل برد وقوله : " كفافا " أي سواء بسواء ; والمراد لا موجبا ثوابا ولا عقابا ، وفي رواية سعيد بن أبي بردة " لا لك ولا عليك " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال أبي : لا والله ) كذا وقع فيه ، والصواب " قال أبوك " ؛ لأن ابن عمر هو الذي يحكي لأبي بردة ما دار بين عمر وأبي موسى ، وهذا الكلام الأخير كلام أبي موسى ، وقد وقع في رواية النسفي على الصواب ولفظه " فقال أبوك : لا والله إلخ " ووقع عند القابسي والمستملي " فقال : إي والله " بكسر الهمزة بعدها تحتانية ساكنة بمعنى نعم معها القسم مثل قوله : قل إي وربي وعند عبدوس " إني والله " بنون ثقيلة بعد الهمزة المكسورة ثم تحتانية ، وكله تصحيف إلا رواية النسفي ، ووقع في رواية داود بن أبي هند عن أبي بردة في " تاريخ الحاكم " هذا الحديث " قال أبو موسى : لا ، قال : لم ؟ قال : لأني قدمت على قوم جهال فعلمتهم القرآن والسنة فأرجو بذلك " .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 300 ] قوله : ( فقال أبي : لكني والذي نفسي بيده ) هذا كلام عمر رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقلت ) القائل هو أبو بردة ، وخاطب بذلك ابن عمر فأراد أن عمر خير من أبي موسى ، وأراد من الحيثية المذكورة ، وإلا فمن المقرر أن عمر أفضل من أبي موسى عند جميع الطوائف ، لكن لا يمتنع أن يفوق بعض المفضولين بخصلة لا تستلزم الأفضلية المطلقة ، ومع هذا فعمر في هذه الخصلة المذكورة أيضا أفضل من أبي موسى ؛ لأن مقام الخوف أفضل من مقام الرجاء ، فالعلم محيط بأن الآدمي لا يخلو عن تقصير في كل ما يريد من الخير ، وإنما قال عمر ذلك هضما لنفسه ، وإلا فمقامه في الفضائل والكلمات أشهر من أن يذكر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( خير من أبي ) في رواية سعيد بن أبي بردة " أفقه من أبي " .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية