الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4813 حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أنها قالت يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان فقال أوتحبين ذلك فقلت نعم لست لك بمخلية وأحب من شاركني في خير أختي فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن ذلك لا يحل لي قلت فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة قال بنت أم سلمة قلت نعم فقال لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن قال عروة وثويبة مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة قال له ماذا لقيت قال أبو لهب لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        حديث أم حبيبة وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( انكح أختي ) أي تزوج .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بنت أبي سفيان ) في رواية يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عند مسلم والنسائي في هذا الحديث " انكح أختي عزة بنت أبي سفيان " ولابن ماجه من هذا الوجه " انكح أختي عزة " وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه في هذا الحديث عند الطبراني أنها قالت " يا رسول الله هل لك في حمنة بنت أبي سفيان ؟ قال : أصنع ماذا ؟ قالت : تنكحها " وقد أخرجه المصنف بعد أبواب من رواية هشام لكن لم يسم بنت أبي سفيان ، ولفظه " فقال فأفعل ماذا " ؟ وفيه شاهد على جواز تقديم الفعل على " ما " الاستفهامية خلافا لمن أنكره من النحاة . وعند أبي موسى في " الذيل " درة بنت أبي سفيان ، وهذا وقع في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان عن هشام ، وأخرجه أبو نعيم والبيهقي من طريق الحميدي وقالا : أخرجه البخاري عن الحميدي ، وهو كما قالا قد أخرجه عنه لكن حذف هذا الاسم وكأنه عمدا ، وكذا وقع في هذه الرواية زينب بنت أم سلمة وحذفه البخاري أيضا منها ثم نبه على أن الصواب درة وسيأتي بعد أربعة أبواب ، وجزم المنذري بأن اسمها حمنة كما في الطبراني ، وقال عياض . لا نعلم لعزة ذكرا في بنات أبي سفيان إلا في رواية يزيد بن أبي حبيب ، وقال أبو موسى : الأشهر فيها عزة .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( أو تحبين ذلك ) ؟ هو استفهام تعجب من كونها تطلب أن يتزوج غيرها مع ما طبع عليه النساء من الغيرة .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( لست لك بمخلية ) بضم الميم وسكون المعجمة وكسر اللام اسم فاعل من أخلى يخلي ، أي لست بمنفردة بك ولا خالية من ضرة . وقال بعضهم هو بوزن فاعل الإخلاء متعديا ولازما ، من أخليت بمعنى خلوت من الضرة ، أي لست بمتفرغة ولا خالية من ضرة ، وفي بعض الروايات بفتح اللام بلفظ المفعول حكاها الكرماني . وقال عياض : مخلية أي منفردة يقال أخل أمرك وأخل به أي انفرد به ، وقال صاحب النهاية : معناه لم أجدك خاليا من الزوجات ، وليس هو من قولهم امرأة مخلية إذا خلت من الأزواج .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وأحب من شاركني ) مرفوع بالابتداء أي إلي ، وفي رواية هشام الآتية قريبا " من شركني " بغير ألف ، وكذا في الباب الذي بعده ، وكذا عند مسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( في خير ) كذا للأكثر بالتنكير أي أي خير كان ، وفي رواية هشام " في الخير " قيل المراد به صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتضمنة لسعادة الدارين الساترة لما لعله يعرض من الغيرة التي جرت بها العادة بين الزوجات ، لكن في رواية هشام المذكورة " وأحب من شركني فيك أختي " فعرف أن المراد بالخير ذاته صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فإنا نحدث ) بضم أوله وفتح الحاء على البناء للمجهول ، وفي رواية هشام المذكورة " قلت بلغني " وفي رواية عقيل في الباب الذي بعدها " قلت يا رسول الله فوالله إنا لنتحدث " وفي رواية وهب عن هشام عند أبي داود " فوالله لقد أخبرت " .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 47 ] قوله ( أنك تريد أن تنكح ) في رواية هشام الآتية " بلغني أنك تخطب " ولم أقف على اسم من أخبر بذلك ، ولعله كان من المنافقين فإنه قد ظهر أن الخبر لا أصل له ، وهذا مما يستدل به على ضعف المراسيل .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بنت أبي سلمة ) في رواية عقيل الآتية وكذا أخرجه الطبراني من طريق ابن أخي الزهري عن الزهري ومن طريق معمر عن هشام بن عروة عن أبيه ومن طريق عراك عن زينب بنت أم سلمة " درة بنت أبي سلمة " وهي بضم المهملة وتشديد الراء ، وفي رواية حكاها عياض وخطأها بفتح المعجمة وعند أبي داود من طريق هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة درة أو " ذرة " على الشك ، شك زهير راوية عن هشام . ووقع عند البيهقي من رواية الحميدي عن سفيان عن هشام " بلغني أنك تخطب زينب بنت أبي سلمة " وقد تقدم التنبيه على خطئه . ووقع عند أبي موسى في " ذيل المعرفة " حمنة بنت أبي سلمة وهو خطأ ، وقوله بنت أم سلمة هو استفهام استثبات لرفع الإشكال ، أو استفهام إنكار ، والمعنى أنها إن كانت بنت أبي سلمة من أم سلمة فيكون تحريمها من وجهين كما سيأتي بيانه ، وإن كانت من غيرها فمن وجه واحد ، وكأن أم حبيبة لم تطلع على تحريم ذلك إما لأن ذلك كان قبل نزول آية التحريم وإما بعد ذلك وظنت أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ، كذا قال الكرماني ، والاحتمال الثاني هو المعتمد ، والأول يدفعه سياق الحديث ، وكأن أم حبيبة استدلت على جواز الجمع بين الأختين بجواز الجمع بين المرأة وابنتها بطريق الأولى ، لأن الربيبة حرمت على التأبيد والأخت حرمت في صورة الجمع فقط ، فأجابها صلى الله عليه وسلم بأن ذلك لا يحل ، وأن الذي بلغها من ذلك ليس بحق ، وأنها تحرم عليه من جهتين .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي ) قال القرطبي : فيه تعليل الحكم بعلتين ، فإنه علل تحريمها بكونها ربيبة وبكونها بنت أخ من الرضاعة ، كذا قال ، والذي يظهر أنه نبه على أنها لو كان بها مانع واحد لكفى في التحريم فكيف وبها مانعان فليس من التعليل بعلتين في شيء ، لأن كل وصفين يجوز أن يضاف الحكم إلى كل منهما لو انفرد فإما أن يتعاقبا فيضاف الحكم إلى الأول منهما كما في السببين إذا اجتمعا ، ومثاله لو أحدث ثم أحدث بغير تخلل طهارة فالحدث الثاني لم يعمل شيئا أو يضاف الحكم إلى الثاني كما في اجتماع السبب والمباشرة ، وقد يضاف إلى أشبههما وأنسبهما سواء كان الأول أم الثاني ، فعلى كل تقدير لا يضاف إليهما جميعا ، وإن قدر أنه يوجد فالإضافة إلى المجموع ويكون كل منهما جزء علة لا علة مستقلة فلا تجتمع علتان على معلول واحد ، هذا الذي يظهر والمسألة مشهورة في الأصول وفيها خلاف ، قال القرطبي : والصحيح جوازه لهذا الحديث وغيره .

                                                                                                                                                                                                        وفي الحديث إشارة إلى أن التحريم بالربيبة أشد من التحريم بالرضاعة . وقوله " ربيبتي " أي بنت زوجتي ، مشتقة من الرب وهو الإصلاح لأنه يقوم بأمرها ، وقيل من التربية . وهو غلط من جهة الاشتقاق ، وقوله " في حجري " راعى فيه لفظ الآية وإلا فلا مفهوم له ، كذا عند الجمهور وأنه خرج مخرج الغالب ، وسيأتي البحث فيه في باب مفرد . وفي رواية عراك عن زينب بنت أم سلمة عند الطبراني " لو أني لم أنكح أم سلمة ما حلت لي ، إن أباها أخي من الرضاعة " ووقع في رواية ابن عيينة عن هشام " والله لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي " فذكر ابن حزم أن منهم من احتج به على أن لا فرق بين اشتراط كونها في الحجر أو لا ، وهو ضعيف لأن القصة واحدة والذين زادوا فيها لفظ " في حجري " حفاظ أثبات .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( أرضعتني وأبا سلمة ) أي أرضعت أبا سلمة ، وهو من تقديم المفعول على الفاعل .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 48 ] قوله ( ثويبة ) بمثلثة وموحدة ومصغر ، كانت مولاة لأبي لهب بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الحديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فلا تعرضن ) بفتح أوله وسكون العين وكسر الراء بعدها معجمة ساكنة ثم نون على الخطاب لجماعة النساء ، وبكسر المعجمة وتشديد النون خطاب لأم حبيبة وحدها ، والأول أوجه . وقال ابن التين : ضبط بضم الضاد في بعض الأمهات ، ولا أعلم له وجها لأنه إن كان الخطاب لجماعة النساء وهو الأبين فهو بسكون الضاد لأنه فعل مستقبل مبني على أصله ، ولو أدخلت عليه التأكيد فشددت النون لكان تعرضنان لأنه يجتمع ثلاث نونات فيفرق بينهن بألف ، وإن كان الخطاب لأم حبيبة خاصة فتكون الضاد مكسورة والنون مشددة . وقال القرطبي . جاء بلفظ الجمع وإن كانت القصة لاثنين وهما أم حبيبة وأم سلمة ردعا وزجرا أن تعود واحدة منهما أو غيرهما إلى مثل ذلك ، وهذا كما لو رأى رجل امرأة تكلم رجلا فقال لها أتكلمين الرجال فإنه مستعمل شائع ، وكان لأم سلمة من الأخوات قريبة زوج زمعة بن الأسود ، وقريبة الصغرى زوج عمر ثم معاوية ، وعزة بنت أبي أمية زوج منبه بن الحجاج ، ولها من البنات زينب راوية الخبر ، ودرة التي قيل إنها مخطوبة . وكان لأم حبيبة من الأخوات هند زوج الحارث بن نوفل ، وجويرية زوج السائب بن أبي حبيش ، وأميمة زوج صفوان بن أمية ، وأم الحكم زوج عبد الله بن عثمان ، وصخرة زوج سعيد بن الأخنس ، وميمونة زوج عروة بن مسعود . ولها من البنات حبيبة وقد روت عنها الحديث ولها صحبة وكان لغيرهما من أمهات المؤمنين من الأخوات أم كلثوم وأم حبيبة ابنتا زمعة أختا سودة ، وأسماء أخت عائشة ، وزينب بنت عمر أخت حفصة وغيرهن ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( قال عروة ) هو بالإسناد المذكور ، وقد علق المصنف طرفا منه في آخر النفقات فقال " قال شعيب عن الزهري قال عروة " فذكره . وأخرجه الإسماعيلي من طريق الذهلي عن أبي اليمان بإسناده .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وثويبة مولاة لأبي لهب ) قلت : ذكرها ابن منده في " الصحابة " وقال : اختلف في إسلامها . وقال أبو نعيم : لا نعلم أحدا ذكر إسلامها غيره ، والذي في السير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرمها ، وكانت تدخل عليه بعدما تزوج خديجة ، وكان يرسل إليها الصلة من المدينة ، إلى أن كان بعد فتح خيبر ماتت ومات ابنها مسروح .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وكان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم ) ظاهره أن عتقه لها كان قبل إرضاعها ، والذي في السير يخالفه ، وهو أن أبا لهب أعتقها قبل الهجرة وذلك بعد الإرضاع بدهر طويل وحكى السهيلي أيضا أن عتقها كان قبل الإرضاع ، وسأذكر كلامه .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( أريه ) بضم الهمزة وكسر الراء وفتح التحتانية على البناء للمجهول .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بعض أهله ) بالرفع على أنه النائب عن الفاعل . وذكر السهيلي أن العباس قال : لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال فقال : ما لقيت بعدكم راحة ، إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين ، قال : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين ، وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فأعتقها .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بشر حيبة ) بكسر المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة أي سوء حال ، وقال ابن فارس : أصلها [ ص: 49 ] الحوبة وهي المسكنة والحاجة ، فالياء في حيبة منقلبة عن واو لانكسار ما قبلها . ووقع في " شرح السنة للبغوي " بفتح الحاء ، ووقع عند المستملي بفتح الخاء المعجمة أي في حالة خائبة من كل خير ، وقال ابن الجوزي : هو تصحيف ، وقال القرطبي : يروى بالمعجمة ، ووجدته في نسخة معتمدة بكسر المهملة وهو المعروف ، وحكى في " المشارق " عن رواية المستملي بالجيم ولا أظنه إلا تصحيفا ، وهو تصحيف كما قال .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( ماذا لقيت ) أي بعد الموت .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( لم ألق بعدكم ، غير أني ) كذا في الأصول بحذف المفعول ، وفي رواية الإسماعيلي " لم ألق بعدكم رخاء " وعند عبد الرزاق عن معمر عن الزهري " لم ألق بعدكم راحة " قال ابن بطال : سقط المفعول من رواية البخاري ، ولا يستقيم الكلام إلا به .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( غير أني سقيت في هذه ) كذا في الأصول بالحذف أيضا ، ووقع في رواية عبد الرزاق المذكورة " وأشار إلى النقرة التي تحت إبهامه وفي رواية الإسماعيلي المذكورة وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع " وللبيهقي في الدلائل من طريق . . كذا مثله بلفظ " يعني النقرة إلخ " وفي ذلك إشارة إلى حقارة ما سقي من الماء .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( بعتاقتي ) بفتح العين ، في رواية عبد الرزاق " بعتقي " وهو أوجه والوجه الأولى أن يقول بإعتاقي ، لأن المراد التخليص من الرق . وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة ; لكنه مخالف لظاهر القرآن ، قال الله تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وأجيب أولا بأن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به ، وعلى تقدير أن يكون موصولا فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه ، ولعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد فلا يحتج به ، وثانيا على تقدير القبول فيحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا من ذلك ، بدليل قصة أبي طالب كما تقدم أنه خفف عنه فنقل من الغمرات إلى الضحضاح . وقال البيهقي : ما ورد من بطلان الخير للكفار فمعناه أنهم لا يكون لهم التخلص من النار ولا دخول الجنة ، ويجوز أن يخفف عنهم من العذاب الذي يستوجبونه على ما ارتكبوه من الجرائم سوى الكفر بما عملوه من الخيرات .

                                                                                                                                                                                                        وأما عياض فقال : انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب ; وإن كان بعضهم أشد عذابا من بعض . قلت : وهذا لا يرد الاحتمال الذي ذكره البيهقي ، فإن جميع ما ورد من ذلك فيما يتعلق بذنب الكفر ، وأما ذنب غير الكفر فما المانع من تخفيفه ؟ وقال القرطبي : هذا التخفيف خاص بهذا وبمن ورد النص فيه . وقال ابن المنير في الحاشية : هنا قضيتان إحداهما محال وهي اعتبار طاعة الكافر مع كفره ، لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح ، وهذا مفقود من الكافر . الثانية إثابة الكافر على بعض الأعمال تفضلا من الله تعالى ، وهذا لا يحيله العقل ، فإذا تقرر ذلك لم يكن عتق أبي لهب لثويبة قربة معتبرة ، ويجوز أن يتفضل الله عليه بما شاء كما تفضل على أبي طالب ، والمتبع في ذلك التوقيف نفيا وإثباتا . قلت : وتتمة هذا أن يقع التفضل المذكور إكراما لمن وقع من الكافر البر له ونحو ذلك ، والله أعلم




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية