الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4993 حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعن أحدا منكم نداء بلال أو قال أذانه من سحوره فإنما ينادي أو قال يؤذن ليرجع قائمكم وليس أن يقول كأنه يعني الصبح أو الفجر وأظهر يزيد يديه ثم مد إحداهما من الأخرى وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز سمعت أبا هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من لدن ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق شيئا إلا مادت على جلده حتى تجن بنانه وتعفو أثره وأما البخيل فلا يريد ينفق إلا لزمت كل حلقة موضعها فهو يوسعها فلا تتسع ويشير بإصبعه إلى حلقه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث عشر حديث أبي عثمان وهو النهدي عن ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( ليرجع ) بفتح أوله وكسر الجيم ، و " قائمكم " بالنصب على المفعولية ، وقوله " ليس أن يقول " هو من إطلاق القول على الفعل ، وقوله " كأنه يعني الصبح أو الفجر " شك من الراوي ، وتقدم في باب الأذان قبل الفجر من كتاب الصلاة بلفظ " يقول : الفجر " بغير شك .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وأظهر يزيد ) هو ابن زريع راويه .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( ثم مد إحداهما من الأخرى ) تقدم في الأذان على كيفية أخرى ، ووقع عند مسلم بلفظ " ليس الفجر المعترض ولكن المستطيل " وبه يظهر المراد من الإشارة المذكورة

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وقال الليث ) تقدم التنبيه على إسناده في أوائل الزكاة مع شرحه ، وقوله هنا " جبتان " بجيم ثم موحدة ، وقوله " إلا مادت " بتشديد الدال من المد ، وأصله ماددت فأدغمت وذكره ابن بطال بلفظ " مارت " براء خفيفة بدل الدال ، ونقل عن الخليل مار الشيء يمور مورا إذا تردد ، وقوله " من لدن ثدييهما " كذا لأبي ذر بالتثنية ولغيره " ثديهما " بصيغة الجمع ، قال ابن التين وهو الصواب فإن لكل رجل ثديين فيكون لهما أربعة كذا قال ، وليست الرواية بالتثنية خطأ بل هي موجهة والتقدير ثديي كل منهما . وقوله ( تجن ) بفتح أوله وضم الجيم قيده ابن التين قال ويجوز بضم أوله وكسر الجيم من الرباعي ، قلت : وهو الثابت في معظم الروايات ، وموضع الترجمة منه قوله فيه " ويشير بإصبعه إلى حلقه " قال ابن بطال : ذهب الجمهور إلى أن الإشارة إذا كانت مفهمة تتنزل منزلة النطق ، وخالفه الحنفية في بعض ذلك ، ولعل البخاري رد عليهم بهذه الأحاديث التي جعل فيها النبي صلى الله عليه وسلم الإشارة قائمة مقام النطق ، وإذا جازت الإشارة في أحكام مختلفة في الديانة [ ص: 348 ] فهي لمن لا يمكنه النطق أجوز وقال ابن المنير : أراد البخاري أن الإشارة بالطلاق وغيره من الأخرس وغيره التي يفهم منها الأصل والعدد نافذة كاللفظ اهـ . ويظهر لي أن البخاري أورد هذه الترجمة وأحاديثها توطئة لما يذكره من البحث في الباب الذي يليه مع من فرق بين لعان الأخرس وطلاقه والله أعلم . وقد اختلف العلماء في الإشارة المفهمة ، فأما في حقوق الله فقالوا يكفي ولو من القادر على النطق ، وأما في حقوق الآدميين كالعقود والإقرار والوصية ونحو ذلك فاختلف العلماء فيمن اعتقل لسانه ، ثالثها عن أبي حنيفة : إن كان مأيوسا من نطقه ، وعن بعض الحنابلة : إن اتصل بالموت . ورجحه الطحاوي . وعن الأوزاعي : إن سبقه كلام ، ونقل عن مكحول إن قال فلان حر ثم أصمت فقيل له : وفلان ؟ فأومأ صح . وأما القادر على النطق فلا تقوم إشارته مقام نطقه عند الأكثرين واختلف هل يقوم مقام النية كما لو طلق امرأته فقيل له : كم طلقة ؟ فأشار بإصبعه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية