الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما وأنها مشروعة في جميع الأوقات

                                                                                                                714 حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب وقتيبة بن سعيد قالا حدثنا مالك ح وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس ) . وفي الرواية الأخرى : فلا يجلس حتى يركع ركعتين . فيه : استحباب تحية المسجد بركعتين ، وهي سنة بإجماع المسلمين ، وحكى القاضي عياض عن داود وأصحابه وجوبهما .

                                                                                                                وفيه : التصريح بكراهة الجلوس بلا صلاة وهي كراهة تنزيه . وفيه استحباب التحية في أي وقت دخل ، وهو مذهبنا ، وبه قال جماعة ، وكرهها أبو حنيفة والأوزاعي والليث في وقت النهي ، وأجاب أصحابنا : أن النهي إنما هو عما لا سبب له ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر ، فخص وقت النهي وصلى به ذات السبب ، ولم يترك التحية في حال من الأحوال ، بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين ، مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية ، فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن ؛ لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود ؛ ولأنه كان يجهل حكمها ، [ ص: 341 ] ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلي التحية ، فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم - عليه السلام - هذا الاهتمام .

                                                                                                                ولا يشترط أن ينوي التحية ، بل تكفيه ركعتان من فرض أو سنة راتبة أو غيرهما لو نوى بصلاته التحية والمكتوبة انعقدت صلاته وحصلتا له ، ولو صلى على جنازة أو سجد شكرا أو للتلاوة أو صلى ركعة بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا ، وقال بعض أصحابنا : تحصل وهو خلاف ظاهر الحديث ، ودليله أن المراد إكرام المسجد ويحصل بذلك ، والصواب أنه لا يحصل ، وأما المسجد الحرام فأول ما يدخله الحاج يبدأ بطواف القدوم فهو تحيته ، ويصلي بعده ركعتي الطواف .




                                                                                                                الخدمات العلمية