الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                987 وحدثني محمد بن عبد الملك الأموي حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت تستن عليه كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلحاء كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قال سهيل فلا أدري أذكر البقر أم لا قالوا فالخيل يا رسول الله قال الخيل في نواصيها أو قال الخيل معقود في نواصيها قال سهيل أنا أشك الخير إلى يوم القيامة الخيل ثلاثة فهي لرجل أجر ولرجل ستر ولرجل وزر فأما التي هي له أجر فالرجل يتخذها في سبيل الله ويعدها له فلا تغيب شيئا في بطونها إلا كتب الله له أجرا ولو رعاها في مرج ما أكلت من شيء إلا كتب الله له بها أجرا ولو سقاها من نهر كان له بكل قطرة تغيبها في بطونها أجر حتى ذكر الأجر في أبوالها وأرواثها ولو استنت شرفا أو شرفين كتب له بكل خطوة تخطوها أجر وأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرما وتجملا ولا ينسى حق ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها وأما الذي عليه وزر فالذي يتخذها أشرا وبطرا وبذخا ورياء الناس فذاك الذي هي عليه وزر قالوا فالحمر يا رسول الله قال ما أنزل الله علي فيها شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وحدثناه قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن سهيل بهذا الإسناد وساق الحديث وحدثنيه محمد بن عبد الله بن بزيع حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم حدثنا سهيل بن أبي صالح بهذا الإسناد وقال بدل عقصاء عضباء وقال فيكوى بها جنبه وظهره ولم يذكر جبينه وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه عن ذكوان عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا لم يؤد المرء حق الله أو الصدقة في إبله وساق الحديث بنحو حديث سهيل عن أبيه

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته ) قال الإمام أبو جعفر الطبري : الكنز كل شيء [ ص: 58 ] مجموع بعضه على بعض ، سواء كان في بطن الأرض أم على ظهرها ، زاد صاحب العين وغيره : وكان مخزونا ، قال القاضي : واختلف السلف في المراد بالكنز المذكور في القرآن والحديث ، فقال أكثرهم : هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد ، فأما مال أخرجت زكاته فليس بكنز ، وقيل : الكنز هو المذكور عن أهل اللغة ، ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة ، وقيل : المراد بالآية أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك ، وقيل : كان ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز وإن أديت زكاته ، وقيل : هو ما فضل عن الحاجة . ولعل هذا كان في أول الإسلام وضيق الحال . واتفق أئمة الفتوى على القول الأول ، وهو الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته ) وذكر عقابه ، وفي الحديث الآخر : " من كان عنده مال فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع " وفي آخره " فيقول : أنا كنزك " .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ) جاء تفسيره في الحديث الآخر في الصحيح " الأجر والمغنم " وفيه دليل على بقاء الإسلام والجهاد إلى يوم القيامة . والمراد قبيل القيامة بيسير ، أي حتى تأتي الريح الطيبة من قبل اليمن تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة . كما ثبت في الصحيح .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأما التي هي عليه وزر فالذي يتخذها أشرا وبطرا وبذخا ورياء الناس ) قال أهل [ ص: 59 ] اللغة : الأشر - بفتح الهمزة والشين - وهو المرح واللجاج . وأما البطر : فالطغيان عند الحق . وأما البذخ : فبفتح الباء والذال المعجمة ، وهو بمعنى الأشر والبطر .




                                                                                                                الخدمات العلمية