الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب النهي عن المحاقلة والمزابنة وعن المخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن بيع المعاومة وهو بيع السنين

                                                                                                                1536 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وزهير بن حرب قالوا جميعا حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا أبو عاصم أخبرنا ابن جريج عن عطاء وأبي الزبير أنهما سمعا جابر بن عبد الله يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر بمثله [ ص: 149 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 149 ] باب المحاقلة والمزابنة وعن المخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن بيع المعاومة وهو بيع السنين

                                                                                                                أما المحاقلة والمزابنة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها فسبق بيانها في الباب الماضي .

                                                                                                                وأما ( المخابرة ) فهي والمزارعة متقاربتان وهما المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع كالثلث والربع وغير ذلك من الأجزاء المعلومة . لكن في المزارعة يكون البذر من مالك الأرض وفي المخابرة يكون البذر من العامل . هكذا قاله جمهور أصحابنا ، وهو ظاهر نص الشافعي وقال بعض أصحابنا وجماعة من أهل اللغة وغيرهم : هما بمعنى . قالوا : والمخابرة مشتقة من الخبر وهو الأكار أي الفلاح . هذا قول الجمهور . وقيل : مشتقة من الخبار وهي الأرض اللينة . وقيل : من الخبرة وهي النصيب . وهي بضم الخاء . وقال الجوهري : قال أبو عبيد : هي النصيب من سمك أو لحم ، يقال : تخبروا خبرة إذا اشتروا شاة فذبحوها واقتسموا لحمها . وقال ابن الأعرابي : مأخوذة من خيبر لأن أول هذه المعاملة كان فيها .

                                                                                                                وفي صحة المزارعة والمخابرة [ ص: 150 ] خلاف مشهور للسلف وسنوضحه في باب بعده إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                وأما النهي عن بيع المعاومة وهو بيع السنين فمعناه أن يبيع ثمر الشجرة عامين أو ثلاثة أو أكثر ، فيسمى بيع المعاومة وبيع السنين وهو باطل بالإجماع ، نقل الإجماع فيه ابن المنذر وغيره لهذه الأحاديث . ولأنه بيع غرر لأنه بيع معدوم ومجهول غير مقدور على تسليمه وغير مملوك للعاقد ، والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا ) معناه لا يباع الرطب بعد بدو صلاحه بتمر ، بل يباع بالدينار والدرهم وغيرهما . والممتنع إنما هو بيعه بالتمر إلا العرايا فيجوز بيع الرطب فيها بالتمر بشرطه السابق في بابه .




                                                                                                                الخدمات العلمية