الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                677 حدثنا محمد بن حاتم حدثنا عفان حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس بن مالك قال جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم القراء فيهم خالي حرام يقرءون القرآن ويتدارسون بالليل يتعلمون وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان فقالوا اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا قال وأتى رجل حراما خال أنس من خلفه فطعنه برمح حتى أنفذه فقال حرام فزت ورب الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ) معناه : يضعونه في المسجد مسبلا لمن أراد استعماله لطهارة أو شرب أو غيرهما . وفيه : جواز وضعه في المسجد ، وقد كانوا يضعون أيضا أعذاق التمر لمن أرادها في المسجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا خلاف في جواز هذا وفضله .

                                                                                                                قوله : ( ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة ) أصحاب الصفة هم الفقراء الغرباء الذين كانوا يأوون إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت لهم في آخره صفة ، وهو مكان منقطع من المسجد مظلل عليه يبيتون فيه ، قاله إبراهيم الحربي والقاضي ، وأصله من صفة البيت ، وهي شيء كالظلة قدامه . فيه : فضيلة الصدقة ، وفضيلة الاكتساب من الحلال لها . وفيه : جواز الصفة في المسجد ، وجواز المبيت فيه بلا كراهة ، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور .

                                                                                                                [ ص: 43 ] قوله : ( اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا ) فيه : فضيلة ظاهرة للشهداء ، وثبوت الرضا منهم ولهم ، وهو موافق لقوله تعالى : رضي الله عنهم ورضوا عنه قال العلماء : رضي الله عنهم بطاعتهم ، ورضوا عنه بما أكرمهم به وأعطاهم إياه من الخيرات . والرضى من الله تعالى إفاضة الخير والإحسان والرحمة ، فيكون من صفات الأفعال ، وهو أيضا بمعنى إرادته ، فيكون من صفات الذات .




                                                                                                                الخدمات العلمية