الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2007 حدثني محمد بن سهل التميمي وأبو بكر بن إسحق قال أبو بكر أخبرنا وقال ابن سهل حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد وهو ابن مطرف أبو غسان أخبرني أبو حازم عن سهل بن سعد قال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها فأرسل إليها فقدمت فنزلت في أجم بني ساعدة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءها فدخل عليها فإذا امرأة منكسة رأسها فلما كلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أعوذ بالله منك قال قد أعذتك مني فقالوا لها أتدرين من هذا فقالت لا فقالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءك ليخطبك قالت أنا كنت أشقى من ذلك قال سهل فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه ثم قال اسقنا لسهل قال فأخرجت لهم هذا القدح فأسقيتهم فيه قال أبو حازم فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا فيه قال ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز فوهبه له وفي رواية أبي بكر بن إسحق قال اسقنا يا سهل

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( في أجم بني ساعدة ) هو بضم الهمزة والجيم ، وهو الحصن ، وجمعه آجام بالمد كعنق وأعناق ، قال أهل اللغة : الآجام : الحصون .

                                                                                                                [ ص: 155 ] قوله : فإذا امرأة منكسة رأسها يقال : نكس رأسه بالتخفيف فهو ناكس ، ونكس بالتشديد فهو منكس إذا طأطأه .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( أعذتك مني ) معناه : تركتك ، وتركه صلى الله عليه وسلم تزوجها ؛ لأنها لم تعجبه إما لصورتها وإما لخلقها وإما لغير ذلك .

                                                                                                                وفيه : دليل على جواز نظر الخاطب إلى من يريد نكاحها .

                                                                                                                وفي الحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من استعاذكم بالله فأعيذوه " فلما استعاذت بالله تعالى لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم بدا من إعاذتها وتركها ، ثم إذا ترك شيئا لله تعالى لا يعود فيه . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا منه ، قال : ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز فوهبه له ) يعني : القدح الذي شرب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذا فيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وما مسه أو لبسه ، أو كان منه فيه سبب ، وهذا نحو ما أجمعوا عليه وأطبق السلف والخلف عليه من التبرك بالصلاة في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الروضة الكريمة ، ودخول الغار الذي دخله النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ، ومن هذا إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أبا طلحة شعره ليقسمه بين الناس ، وإعطاؤه صلى الله عليه وسلم حقوة لتكفن فيه بنته رضي الله عنها ، وجعله الجريدتين على القبرين ، وجمعت بنت ملحان عرقه صلى الله عليه وسلم ، وتمسحوا بوضوئه صلى الله عليه وسلم ودلكوا وجوههم بنخامته صلى الله عليه وسلم ، وأشباه هذه كثيرة مشهورة في الصحيح ، وكل ذلك واضح لا شك فيه .




                                                                                                                الخدمات العلمية