الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                799 حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا قال وسماني قال نعم قال فبكى وحدثنيه يحيى بن حبيب حدثنا خالد يعني ابن الحارث حدثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أنسا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بمثله

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب رضي الله عنه : ( إن الله أمرني أن أقرأ عليك { لم يكن الذين كفروا } [ ص: 19 ] وقال : وسماني قال : " نعم " قال : فبكى ) وفي رواية ( فجعل يبكي ) . أما بكاؤه فبكاء سرور واستصغار لنفسه عن تأهيله لهذه النعمة وإعطائه هذه المنزلة . والنعمة فيها من وجهين : أحدهما كونه منصوصا عليه بعينه ، ولهذا قال : وسماني ؟ معناه نص علي بعيني ، أو قال : اقرأ على واحد من أصحابك قال : بل سماك ، فتزايدت النعمة . والثاني قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ; فإنها منقبة عظيمة له لم يشاركه فيها أحد من الناس . وقيل : إنما بكى خوفا من تقصيره في شكر هذه النعمة . وأما تخصيص هذه السورة بالقراءة فلأنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة ، وكان الحال يقتضي الاختصار . وأما الحكمة في أمره بالقراءة على أبي قال المازري والقاضي : هي أن يتعلم أبي ألفاظه ، وصيغة أدائه ، ومواضع الوقوف ، وصنع النغم في نغمات القرآن على أسلوب ألفه الشرع وقدره ، بخلاف ما سواه من النغم المستعمل في غيره ولكل ضرب من النغم مخصوص في النفوس ، فكانت القراءة عليه ليتعلم منه . وقيل : قرأ عليه ليسن عرض القرآن على حفاظه البارعين فيه ، المجيدين لأدائه ، وليسن التواضع في أخذ الإنسان القرآن وغيره من العلوم الشرعية من أهلها ، وإن كانوا دونه في النسب والدين والفضيلة والمرتبة والشهرة وغير ذلك ، ولينبه الناس على فضيلة أبي في ذلك ، ويحثهم على الأخذ منه ، وكان كذلك فكان بعد النبي صلى الله عليه وسلم رأسا وإماما مقصودا في ذلك مشهورا به . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية