الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الجمع بين الصلاتين

                                                                      1206 حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل أخبرهم أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا

                                                                      التالي السابق


                                                                      قال الشافعي والأكثرون : يجوز الجمع بين الظهر والعصر في وقت أيتهما شاء ، وبين المغرب والعشاء في وقت أيتهما شاء . وشرط الجمع في وقت الأولى أن يقدمها وينوي الجمع قبل فراغه من الأولى وأن لا يفرق بينهما ، وإن أراد الجمع في وقت الثانية وجب أن ينويه في وقت الأولى ويكون قبل ضيق وقتها ، بحيث يبقى من الوقت ما يسع تلك الصلاة فأكثر ، فإن أخرها بلا نية عصى ، وصارت قضاء ، وإذا أخرها بالنية استحب أن يصلي الأولى أولا وأن ينوي الجمع وأن لا يفرق بينهما قاله النووي .

                                                                      ( فكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجمع بين الظهر والعصر ) إلخ : قال الخطابي : في هذا بيان واضح أن الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة ، وبغير المزدلفة جائز ، وفيه أن الجمع بين الصلاتين لمن كان نازلا في السفر غير سائر جائز . وقد اختلف الناس في الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة بعرفة والمزدلفة فقال قوم لا يجمع بين الصلاتين فيصلي كل واحدة منهما في وقتها ، روى ذلك عن إبراهيم النخعي وحكاه عن أصحاب عبد الله ، وكان الحسن ومكحول يكرهان الجمع في السفر بين الصلاتين .

                                                                      وقال أصحاب الرأي إذا جمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر إلى آخر وقتها وعجل العصر في أول وقتها ، فلا يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما . وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يجمع بينهما كذلك . وقال كثير من أهل العلم يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما إن شاء قدم العصر وإن شاء أخر الظهر على ظاهر الأخبار المروية في هذا الباب . هذا قول [ ص: 56 ] ابن عباس وعطاء بن أبي رباح وسالم بن عبد الله وطاوس ومجاهد ، وبه قال الشافعي وإسحاق بن راهويه . وقال أحمد بن حنبل : إن فعل ذلك لم يكن به بأس . قال الخطابي : فدل على صحة ما ذهب إليه هؤلاء حديث ابن عمر وأنس عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ذكرهما أبو داود في هذا الباب انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية