الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1218 حدثنا قتيبة وابن موهب المعنى قالا حدثنا المفضل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب صلى الله عليه وسلم قال أبو داود كان مفضل قاضي مصر وكان مجاب الدعوة وهو ابن فضالة حدثنا سليمان بن داود المهري حدثنا ابن وهب أخبرني جابر بن إسمعيل عن عقيل بهذا الحديث بإسناده قال ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( إذا ارتحل ) : في سفره ( قبل أن تزيغ الشمس ) : أي قبل الزوال ( قبل أن يرتحل صلى الظهر ) : أي وحده وهو المحفوظ من رواية عقيل في الصحيحين ، ومقتضاه أنه كان لا يجمع بين الصلاتين إلا في وقت الثانية منهما ، وبه احتج من أبى جمع التقديم لكن روى إسحاق بن راهويه من هذا الحديث عن شبابة بن سوار عن الليث عن عقيل عن الزهري عن أنس وفيه " إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل " أخرجه الإسماعيلي وأعل بتفرد إسحاق بذلك عن شبابة بن سوار ، ثم تفرد جعفر [ ص: 65 ] الفريابي به عن إسحاق وليس ذلك بقادح فإنهما إمامان حافظان . وقال النووي إسناده صحيح كذا في الفتح والتلخيص . وأخرج الحاكم في الأربعين حدثنا محمد بن يعقوب هو الأصم حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني وهو أحد شيوخ مسلم حدثنا حسان بن عبد الله الواسطي عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب . قال الحافظ سنده صحيح . وقال الحافظ صلاح الدين العلائي سنده جيد . وفي رواية أبي نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل فقد أفادت رواية الإسماعيلي والحاكم وأبي نعيم ثبوت جمع التقديم من فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يتصور فيه الجمع الصوري ، وهذه الروايات صحيحة كما قال الحافظ في بلوغ المرام والفتح إلا أنه قال ابن القيم إنه اختلف في رواية الحاكم فمنهم من صححها ومنهم من حسنها ومنهم من قدح فيها وجعلها موضوعة وهو الحاكم فإنه حكم بوضعه ، ثم ذكر كلام الحاكم في وضع الحديث ثم رده ابن القيم واختار أنه ليس بموضوع ، وسكوت ابن حجر هنا عليه وجزمه بأنه بإسناد صحيح يدل على رده لكلام الحاكم . وأما رواية المستخرج والإسماعيلي فإنه لا مقال فيها . ويؤيد صحته حديث معاذ المتقدم ولفظه لجمع التأخير كليهما لكن حديث أنس الآتي من طريق قتيبة عن الليث هو كالتفصيل للمجمل . ويؤيده أيضا حديث مسلم من طريق حكم بن عتيبة عن أبي جحيفة قال : " خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالهاجرة إلى البطحاء فتوضأ فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة " قال النووي : فيه دليل على القصر والجمع في السفر ، وفيه أن الأفضل لمن أراد الجمع وهو نازل في وقت الأولى أن يقدم الثانية إلى الأولى . انتهى . ولفظ البخاري في باب سترة الإمام سترة لمن خلفه من طريق عون بن أبي جحيفة قال سمعت أبي يحدث " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة الظهر [ ص: 66 ] ركعتين والعصر ركعتين " وأخرجه أيضا في عدة مواضع وله ألفاظ . وأورد دلائل إثبات جمع التقديم الحافظ في الفتح . وإلى جواز الجمع للمسافر تقديما وتأخيرا ذهب الشافعي ومالك وأحمد وغيرهم وقال الأوزاعي يجوز للمسافر جمع التأخير فقط دون جمع التقديم وهو رواية عن مالك وأحمد بن حنبل واختاره ابن حزم الظاهري . وقد عرف مما تقدم أن أحاديث جمع التقديم بعضها صحيح وبعضها حسن وذلك يرد ما حكي عن أبي داود أنه قال ليس في جمع التقديم حديث قائم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وليس في حديث البخاري ويؤخر المغرب . .




                                                                      الخدمات العلمية