الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1588 حدثنا عباس بن عبد العظيم ومحمد بن المثنى قالا حدثنا بشر بن عمر عن أبي الغصن عن صخر بن إسحق عن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيأتيكم ركيب مبغضون فإن جاءوكم فرحبوا بهم وخلوا بينهم وبين ما يبتغون فإن عدلوا فلأنفسهم وإن ظلموا فعليها وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم وليدعوا لكم قال أبو داود أبو الغصن هو ثابت بن قيس بن غصن

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( جابر بن عتيك ) : بفتح العين وكسر التاء الفوقية ( سيأتيكم ركب ) : وهو اسم جمع للراكب أي سعاة وعمال للزكاة ( مبغضون ) : بفتح الباء والغين المشددة أي يبغضون طبعا لا شرعا لأنهم يأخذون محبوب قلوبهم . وقيل بسكون الباء وفتح الغين المخففة أي تبغضونهم لأنهم يأخذون الأموال ( فإذا جاءوكم فرحبوا بهم ) : أي قولوا لهم مرحبا وأهلا وسهلا وأظهروا الفرح بقدومهم وعظموهم ( وخلوا ) : أي اتركوا ( بينهم وبين ما يبتغون ) : أي ما يطلبون من الزكاة . قال ابن الملك : يعني لا تمنعوا وإن ظلموكم لأن مخالفتهم مخالفة السلطان لأنهم مأمورون من جهته ومخالفة السلطان تؤدي إلى الفتنة وهو كلام المظهر بناء على أنه عم الحكم في جميع الأزمنة . قال الطيبي : وفيه بحث لأن العلة لوكانت هي المخالفة لجاز الكتمان لكنه لم يجز لقوله في الحديث أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون قال : لا ( فإن عدلوا ) : أي في أخذ الزكاة ( فلأنفسهم ) : أي فلهم الثواب ( وإن ظلموا ) : بأخذ الزكاة أكثر مما وجب عليكم أو أفضل مما وجب ( فعليها ) : أي فعلى أنفسهم إثم ذلك الظلم وعليكم الثواب بتحمل ظلمهم ( وأرضوهم ) : أي اجتهدوا وبالغوا في إرضائهم بأن تعطوهم الواجب من غير مطل ولا غش ولا خيانة ( فإن تمام زكاتكم ) : أي كمالها كما وجب ( رضاهم ) : بالقصر وقد يمد أي حصول [ ص: 348 ] رضائهم ما أمكن ( وليدعوا ) : بسكون اللام وكسرها ( لكم ) : هو أمر ندب لقابض الزكاة ساعيا أو مستحقا أن يدعوا للمزكي .

                                                                      وعلى تقدير أن تكون اللام مفتوحة للتعليل يكون المعنى أرضوهم لتتم زكاتكم وليدعوا . وفيه إشارة إلى أن الاسترضاء سبب لحصول الدعاء ووصول القبول .

                                                                      قال الطيبي : فالمعنى أنه سيأتيكم عمال يطلبون منكم زكاة أموالكم والنفس مجبولة على حب المال فتبغضونهم وتزعمون أنهم ظالمون وليسوا بذلك وقوله عدلوا وظلموا مبني على هذا الزعم ولوكانوا ظالمين في الحقيقة والواقع كيف يأمرهم بالدعاء لهم بقوله ويدعوا لكم .

                                                                      قال المنذري : في إسناده أبو الغصن وهو ثابت بن قيس المدني الغفاري مولاهم وقيل مولى عثمان بن عفان . وقال الإمام أحمد بن حنبل : ثقة . وقال يحيى بن معين : وقال مرة ليس بذاك صالح ، وقال مرة ليس به بأس .

                                                                      قال المنذري : وفي الرواة خمسة كل منهم اسمه ثابت بن قيس لا نعرف فيهم من تكلم فيه غيره انتهى كلامه .




                                                                      الخدمات العلمية