الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1781 حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا فقدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة قالت ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك قالت فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا قال أبو داود رواه إبراهيم بن سعد ومعمر عن ابن شهاب نحوه لم يذكروا طواف الذين أهلوا بعمرة وطواف الذين جمعوا الحج والعمرة [ ص: 154 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 154 ] ( فأهللنا بعمرة ) : اختلفت الروايات في إحرام عائشة اختلافا كثيرا وبسطه الحافظ في الفتح ( انقضي رأسك ) : بضم القاف والضاد المعجمة أي حلي ضفر شعرك وفي رواية البخاري في كتاب الحيض بلفظ وافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ، ( وامتشطي ) : أي سرحي بالمشط . قال الحافظ : قال الخطابي استشكل بعض أهل العلم أمره لها بنقض رأسها ثم بالامتشاط وكان الشافعي يتأوله على أنه أمرها أن تدع العمرة وتدخل عليه الحج فتصير قارنة ، قال وهذا لا يشاكل القصة ، وقيل إن مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة استباح ما يستبيحه الحاج إذا رمى الجمرة قال وهذا لا يعلم وجهه وقيل كانت مضطرة إلى ذلك .

                                                                      قال ويحتمل أن يكون نقض رأسها كان لأجل الغسل لتهل بالحج لا سيما إن كانت ملبدة فتحتاج إلى نقض الضفر وأما الامتشاط فلعل المراد به تسريحها شعرها بأصابعها برفق حتى لا يسقط منه شيء ثم تضفره كما كان انتهى . ( بالبيت ) : متعلق طاف أي طواف العمرة ( ثم طافوا طوافا آخر ) : هو طواف الإفاضة ( طوافا واحدا ) [ ص: 155 ] لأن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد ؛ لأن أفعال العمرة تندرج في أفعال الحج وهو مذهب عطاء والحسن وطاوس وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وجماهير العلماء خلافا للحنفية قالوا لا بد للقارن من طوافين وسعيين لأن القران هو الجمع بين العبادتين فلا يتحقق إلا بالإتيان بأفعال كل منهما وهو محكي عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود والحسن بن علي ولا يصح عن واحد منهم واستدل العيني بحديث ابن عمر عند الدارقطني بلفظ أنه جمع بين حجة وعمرة معا وطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع . وبحديث علي عند الدارقطني أيضا وبحديث ابن مسعود وحديث عمران بن حصين عنده أيضا وكلها مطعون فيها لما في رواتها من الضعف المانع للاحتجاج بها والله أعلم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية