الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب فيما عني به الطلاق والنيات

                                                                      2201 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثني يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال سمعت عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه [ ص: 228 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 228 ] ( إنما الأعمال بالنية ) : وفي بعض النسخ بالنيات . قال الخطابي : معناه أن صحة الأعمال ووجوب أحكامها إنما تكون بالنية ، وأن النية هي المصرفة لها إلى جهاتها ، ولم يرد به أعيان الأعمال لأن أعيانها حاصلة بغير نية ( وإنما لامرئ ما نوى ) : أشار به إلى أن تعيين المنوي شرط ، فلو كان على إنسان صلوات لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل شرط أن ينوي كونها ظهرا أو غيره فلولا هذا القول لاقتضى الكلام الأول أن تصح الفائتة بلا تعيين . كذا قال ابن الملك والعلقمي .

                                                                      ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ) : أي انتقاله من دار الكفر إلى دار الإسلام قصدا وعزما ( فهجرته إلى الله ورسوله ) : فإن قلت : الشرط والجزاء قد اتحدا ، قلنا لا اتحاد لأن التكرار قد يفيد الكمال كما قال أبو النجم وشعري شعري أي شعر كامل ، والمعنى فهجرته كاملة ( ومن كانت هجرته لدنيا ) : اللام للتعليل أو بمعنى إلى ودنيا بغير تنوين لأنها تأنيث أدنى وجمعها دنى ككبرى وكبر ( يصيبها ) : أي يحصلها ( أو امرأة يتزوجها ) : إنما ذكرها مع كونها مندرجة تحت دنيا تعريضا لمن هاجر إلى [ ص: 229 ] المدينة في نكاح مهاجرة ، فقيل له مهاجر أم قيس ، أو تنبيها على زيادة التحذير من ذلك ، وهذا من باب ذكر الخاص بعد العام لمزيته ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) : يعني لا يثاب على هجرته . قال الخطابي في المعالم : في الحديث دليل على أن المطلق إذا طلق بصريح لفظ الطلاق أو ببعض الكنائي التي يطلق بها ونوى عددا من أعداد الطلاق كان ما نواه من العدد واقعا واحدة أو ثنتين أو ثلاثا ، وإلى هذه الجملة ذهب الشافعي وصرف الألفاظ على مصارف النيات ، وقال في الرجل يقول لامرأته أنت طالق ونوى ثلاثا أنها تطلق ثلاثا ، وكذلك قال مالك بن أنس وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد ، وقد روي ذلك عن عروة بن الزبير . وقال أصحاب الرأي هي واحدة وهو أحق بها ، وكذلك قال سفيان الثوري والأوزاعي وأحمد . انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية