الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2227 حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصارية أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه فقالت أنا حبيبة بنت سهل قال ما شأنك قالت لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه حبيبة بنت سهل وذكرت ما شاء الله أن تذكر وقالت حبيبة يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس خذ منها فأخذ منها وجلست هي في أهلها

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( إلى الصبح ) : أي إلى صلاة الصبح ( عند بابه ) : أي باب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( في الغلس ) : هو ظلمة آخر الليل اختلط بضوء الصباح ( لا أنا ولا ثابت بن قيس ) أي لا يمكن الاجتماع بيننا ( كل ما أعطاني عندي ) : مبتدأ وخبر أي كل ما أعطاني من المهر موجود عندي ( خذ منها فأخذ منها ) : فيه أنه قد أخذ منها جميع ما كان أعطاها .

                                                                      وقد اختلف الناس في هذا ، فكان سعيد بن المسيب يقول : لا يأخذ منها جميع ما أعطاها ولا يزيد على ما ساق إليها شيئا : وذهب أكثر الفقهاء إلى أن ذلك جائز على ما تراضيا عليه قل أو كثر قاله الخطابي ( وجلست في أهلها ) : فيه دليل على أنه لا سكنى للمختلعة على الزوج قاله الخطابي . وقال في هذا الحديث دليل على أن الخلع فسخ وليس بطلاق ، ولو كان طلاقا لاقتضي فيه شرائط الطلاق من وقوعه في طهر لم تمسس فيه المطلقة ، ومن كونه صادرا من قبل الزوج وحده من غير مراضاة المرأة ، فلما لم يتعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الحال في ذلك وأذن له [ ص: 249 ] في مخالعتها في مجلسه ذلك دل على أن الخلع فسخ وليس بطلاق . وإلى هذا ذهب ابن عباس واحتج بقوله تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف الآية قال ثم ذكر الخلع فقال فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ثم ذكر الطلاق فقال فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فلو كان الخلع طلاقا لكان الطلاق أربعا .

                                                                      وإلى هذا ذهب طاوس وعكرمة وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور ، وروي عن علي وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم أن الخلع تطليقة بائنة ، وبه قال الحسن وإبراهيم النخعي وعطاء وابن المسيب وشريح والشعبي ومجاهد ومكحول والزهري ، وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي ، وكذلك قال مالك والأوزاعي والشافعي في أحد قوليه وهو أصحهما والله أعلم . انتهى باختصار يسير .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي .




                                                                      الخدمات العلمية