الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2349 حدثنا مسدد حدثنا حصين بن نمير ح و حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس المعنى عن حصين عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال لما نزلت هذه الآية حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال أخذت عقالا أبيض وعقالا أسود فوضعتهما تحت وسادتي فنظرت فلم أتبين فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال إن وسادك لعريض طويل إنما هو الليل والنهار و قال عثمان إنما هو سواد الليل وبياض النهار

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( لما نزلت هذه الآية ) : قال الحافظ في الفتح : ظاهره أن عديا كان حاضرا لما نزلت هذه الآية وهو يقتضي تقدم إسلامه وليس كذلك ، لأن نزول فرض الصوم كان متقدما في أوائل الهجرة وإسلام عدي كان في التاسعة أو العاشرة . فيؤول قول عدي هذا على أن المراد بقوله لما نزلت أي لما تليت علي عند إسلامي ، أو لما بلغني نزول الآية أو في السياق حذف تقديره لما نزلت الآية ثم قدمت فأسلمت وتعلمت الشرائع ( أخذت ) : وقد روى أحمد حديثه من طريق مجالد بلفظ : علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة والصيام فقال : صل كذا وصم كذا ، فإذا غابت الشمس فكل حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، قال فأخذت خيطين الحديث . انتهى ( عقالا ) : بكسر المهملة أي حبلا قاله الحافظ ( فلم أتبين ) : أي لم أتميز بين العقال الأبيض والأسود ( فقال ) : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إن وسادك إذا لطويل عريض ) : قال العيني : الوساد والوسادة المخدة والجمع وسائد ووسد انتهى .

                                                                      وقال الخطابي : فيه قولان أحدهما يريد إن نومك لكثير عنى بالوسادة عن النوم إذا كان النائم يتوسد أو يكون أراد إن ليلك إذا لطويل إذا كنت لا تمسك عن الأكل والشرب حتى يتبين لك سواد العقال من بياضه ، والقول الآخر أنه كنى بالوسادة عن الموضع الذي [ ص: 381 ] يضعه من رأسه وعنقه على الوسادة إذا نام والعرب تقول فلان عريض القفا إذا كانت فيه غباوة وغفلة . وقد روي في هذا الحديث من طريق آخر أنه قال إنك عريض القفا ، والعرب تسمي الصبح أول ما يبدو خيطا انتهى .

                                                                      وقال النووي : قال القاضي معناه إن جعلت تحت وسادك الخيطين الذين أرادهما الله تعالى وهما الليل والنهار فوسادك يعلوهما ويغطيهما وحينئذ يكون عريضا انتهى ( إنما هو ) : أي الخيط الأسود والأبيض ، قال الحافظ في الفتح : ولو أكل ظانا أن الفجر لم يطلع لم يفسد صومه عند الجمهور لأن الآية دلت على الإباحة إلى أن يحصل التبيين ، وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت . ولابن أبي شيبة عن أبي بكر وعمر نحوه ، وروى ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحى قال : سأل رجل ابن عباس : عن السحور فقال له رجل من جلسائه كل حتى لا تشك ، فقال ابن عباس إن هذا لا يقول شيئا كل ما شككت حتى لا تشك .

                                                                      قال ابن المنذر : وإلى هذا القول صار أكثر العلماء وقال مالك يقضي انتهى .

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية