الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3201 حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا شعيب يعني ابن إسحق عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( وصغيرنا وكبيرنا ) : قال ابن حجر المكي الدعاء في حق الصغير لرفع الدرجات انتهى ، ويدفعه ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم صلى على طفل لم يعمل خطيئة قط فقال اللهم قه عذاب القبر وضيقه ، ويمكن أن يكون المراد بالصغير والكبير الشاب والشيخ فلا إشكال .

                                                                      وتكلف ابن الملك وغيره ونقل التوربشتي عن الطحاوي أنه سئل عن معنى الاستغفار للصبيان مع أنه لا ذنب لهم ، فقال معناه السؤال من الله أن يغفر له ما كتب في اللوح المحفوظ أن يفعله بعد البلوغ من الذنوب حتى إذا كان فعله كان مغفورا وإلا فالصغير غير مكلف لا حاجة إلى الاستغفار . قاله القاري ( وذكرنا وأنثانا ) : قال الطيبي : المقصود من القرائن الأربع الشمول والاستيعاب فلا يحمل على التخصيص نظرا إلى مفردات التركيب ، كأنه قيل اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات كلهم أجمعين ، فهي من الكناية الزيدية يدل عليه جمعه في قوله " اللهم من أحييته " إلخ . قاله القاري ( وشاهدنا ) : أي حاضرنا ( فأحيه على الإيمان ) : المشهور الموجود في رواية الترمذي وغيره فأحيه على الإسلام وتوفه على الإيمان وهو الظاهر المناسب ، لأن الإسلام هو التمسك بالأركان الظاهرية وهذا لا يتأتى إلا في حالة الحياة ، وأما الإيمان فهو التصديق الباطني وهو الذي المطلوب عليه الوفاة والأول متخصص بالإحياء والثاني بالإماتة هو الوجه والله تعالى أعلم ، قاله في فتح الودود .

                                                                      [ ص: 385 ] وقال القاري : فالرواية المشهورة التي أخرجها الترمذي وغيره هي العمدة ، والرواية الأخرى التي أخرجها أبو داود إما من تصرفات الرواة نسيانا أو بناء على زعم أنه لا فرق بين التقديم والتأخير وجواز النقل بالمعنى أو يقال فأحيه على الإيمان أي وتوابعه من الأركان ، وتوفه على الإسلام أي على الانقياد والتسليم لأن الموت مقدمة : يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم انتهى .

                                                                      قال الشوكاني في النيل : ولفظ فأحيه على الإسلام هذا هو الثابت عند الأكثر ، وفي سنن أبي داود فأحيه على الإيمان وتوفه على الإيمان . واعلم أنه قد وقع في كتب الفقه ذكر أدعية غير المأثور عنه صلى الله عليه وسلم والتمسك بالثابت عنه أولى ، واختلاف الأحاديث في ذلك محمول على أنه كان يدعو لميت بدعاء ولآخر بآخر ، والذي أمر به صلى الله عليه وسلم إخلاص الدعاء .

                                                                      وإذا كان المصلى عليه طفلا استحب أن يقول المصلي : اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا وأجرا روى ذلك البيهقي من حديث أبي هريرة ، وروى مثله سفيان في جامعه انتهى ( اللهم لا تحرمنا أجره ) : من باب ضرب أو باب أفعل . قال السيوطي : بفتح التاء وضمها لغتان فصيحتان والفتح أفصح ، يقال حرمه وأحرمه ، والمراد أجر موته ، فإن المؤمن أخو المؤمن فموته مصيبة عليه يطلب فيها الأجر قاله في فتح الودود ( ولا تضلنا بعده ) : أي لا تجعلنا ضآلين بعد الإيمان قال المنذري : والحديث أخرجه الترمذي والنسائي ، وأخرجه الترمذي من حديث يحيى بن أبي كثير فقال : حدثني أبو إبراهيم الأشهلي عن أبيه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة قال : اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا وأخرجه النسائي وقال الترمذي حديث والد أبي إبراهيم حديث حسن صحيح .

                                                                      وقال الترمذي أيضا وسمعت محمدا يعني البخاري يقول أصح الروايات في هذا حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه ، وسألته عن اسم أبي إبراهيم الأشهلي فلم يعرفه . هذا آخر كلامه .

                                                                      وذكر بعضهم أن أبا إبراهيم هو عبد الله بن أبي قتادة وليس بصحيح ، فإن أبا قتادة سلمي والله عز وجل أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية