الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد

                                                                      486 حدثنا عيسى بن حماد حدثنا الليث عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال أيكم محمد ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم فقلنا له هذا الأبيض المتكئ فقال له الرجل يا ابن عبد المطلب فقال له صلى الله عليه وسلم قد أجبتك فقال له الرجل يا محمد إني سائلك وساق الحديث حدثنا محمد بن عمرو حدثنا سلمة حدثني محمد بن إسحق حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع عن كريب عن ابن عباس قال بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه فأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله ثم دخل المسجد فذكر نحوه قال فقال أيكم ابن عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب قال يا ابن عبد المطلب وساق الحديث

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فأناخه في المسجد ) أي أجلس الرجل البعير في المسجد وفي الرواية [ ص: 116 ] الآتية عند باب المسجد ( ثم عقله ) أي شد الرجل البعير ( متكئ بين ظهرانيهم ) زيدت فيه ألف ونون مفتوحة ، قد جاءت هذه اللفظة بين ظهرانيهم وبين أظهرهم في الحديث كثيرا ، ومعناه أن ظهرا منهم قدام النبي وظهرا منهم وراءه ، فهو مكنوف من جانبيه ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم ، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا . والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم متكئ بين القوم . هذا ملخص ما في النهاية . قال الخطابي : كل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ ، والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه ( هذا الأبيض المتكئ ) هو محمد صلى الله عليه وسلم ( قد أجبتك ) أي سمعت ، والمراد منه إنشاء الإجابة . قال الخطابي : قد زعم بعضهم أنه إنما قال له قد أجبتك ولم يستأنف له الجواب ؛ لأنه كره أن يدعوه باسم جده وأن ينسبه إليه إذ جده عبد المطلب كان كافرا غير مسلم ، فأحب أن يدعوه باسم النبوة والرسالة . قال وهذا وجه . ولكن قد ثبت عنه أنه قال يوم حنين حين حمل على الكفار وانهزموا أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب وقد قال بعض أهل العلم في هذا إنه لم يذهب بهذا القول مذهب الانتساب إلى شرف الآباء على سبيل الافتخار بهم ، ولكنه ذكرهم بذلك رؤيا كان رآها عبد المطلب له أيام حياته وكان ذلك إحدى دلائل نبوته ، وكانت القصة مشهورة عندهم فعرفهم بأنبائها وذكرهم بها وخروج الأمر على الصدق والله أعلم .

                                                                      ( فقدم ) أي ضمام ( عليه ) أي على النبي صلى الله عليه وسلم ( ثم عقله ) أي شد ضمام ركبة البعير ( ثم دخل المسجد ) أي دخل ضمام في المسجد ( فذكر ) أي محمد بن عمرو الراوي ( نحوه ) . أي نحو الحديث السابق ( قال ) أي ابن عباس ( فقال ) أي ضمام [ ص: 117 ] ( أنا ) مبتدأ ( ابن عبد المطلب ) خبره . قال الخطابي : في الحديث من الفقه جواز دخول المشرك المسجد إذا كانت له فيه حاجة مثل أن يكون له غريم في المسجد لا يخرج إليه ، ومثل أن يحاكم إلى قاض وهو في المسجد ، فإنه يجوز له دخول المسجد لإثبات حقه في نحو ذلك من الأمور .




                                                                      الخدمات العلمية