الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4764 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبيه عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال بعث علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة في تربتها فقسمها بين أربعة بين الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي وبين عيينة بن بدر الفزاري وبين زيد الخيل الطائي ثم أحد بني نبهان وبين علقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب قال فغضبت قريش والأنصار وقالت يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا فقال إنما أتألفهم قال فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق قال اتق الله يا محمد فقال من يطيع الله إذا عصيته أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني قال فسأل رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد قال فمنعه قال فلما ولى قال إن من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم قتلتهم قتل عاد

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( بذهيبة ) تصغير ذهبة أي قطعة من الذهب ( في تربتها ) صفة ذهيبة أي كائنة في ترابها غير مميزة عنه ( فقسمها ) أي قسم النبي صلى الله عليه وسلم تلك الذهيبة ( وبين زيد الخيل ) باللام وفي بعض النسخ الخير بالراء المهملة .

                                                                      قال النووي كلاهما صحيح يقال بالوجهين كان يقال في الجاهلية زيد الخيل فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام زيد الخير ( الطائي ) عامة ( ثم أحد بني نبهان ) أي خاصة وهو صفة زيد . وفي أسد الغابة زيد بن مهلهل بن زيد إلى أن قال ابن نابل بن نبهان الطائي النبهاني المعروف بزيد الخيل ( العامري ) عامة ( ثم أحد بني كلاب ) خاصة وهو صفة علقمة .

                                                                      وفي أسد الغابة علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر العامري الكلابي . انتهى .

                                                                      ( صناديد أهل نجد ) أي ساداتهم جمع صنديد بكسر الصاد ( ويدعنا ) بفتح الدال أي يتركنا ( فأقبل رجل غائر العينين ) اسم فاعل من الغور أي غارت عيناه ودخلتا في رأسه ( مشرف الوجنتين ) أي عالي الخدين ( ناتئ الجبين ) بكسر الفوقية بعدها همزة أي مرتفعها ( كث اللحية ) بفتح فتشديد مثلثة أي كثيفها ( قال اتق الله يا محمد ) أي في القسمة ( فقال من يطع الله إذا عصيته ) أي مع عصمتي وثبوت نبوتي ( أيأمنني الله ) أي يجعلني أمينا ( ولا تأمنوني ) بتشديد النون ويخفف ( فلما ولى ) أي أدبر ( قال ) أي [ ص: 93 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن من ضئضئ هذا ) بكسر معجمتين وبهمزتين يبدل أولاهما أي من أصله .

                                                                      قال الخطابي : الضئضئ الأصل يريد أنه يخرج من نسله الذين هو أصلهم أو يخرج من أصحابه وأتباعه الذين يقتدون به ويبنون رأيهم ومذهبهم على أصل قوله ( أو في عقب هذا ) شك من الراوي ( لا يجاوز حناجرهم ) أي حلوقهم .

                                                                      قال في النهاية : الحنجرة رأس الغلصمة حيث تراه ناتئا من خارج الحلق والجمع : الحناجر ( يمرقون ) أي يخرجون ( مروق السهم ) أي كخروجه ( من الرمية ) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد التحتية .

                                                                      قال في النهاية : الرمية الصيد الذي ترميه وتقصده يريد أن دخولهم في الدين وخروجهم منه ولم يتمسكوا منه بشيء كالسهم الذي دخل في الرمية ثم يقدها ويخرج منها ولم يعلق به منها شيء ( يقتلون أهل الإسلام ) لتكفيرهم إياهم بسبب الكبائر ( ويدعون أهل الأوثان ) بفتح الدال أي يتركون أهل عبادة الأصنام وغيرهم من الكفار ( لأقتلنهم قتل عاد ) أراد بقتل عاد استيصالهم بالهلاك . فإن عادا لم تقتل وإنما أهلكت بالريح واستؤصلت بالإهلاك .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية