الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب كراهية الغناء والزمر

                                                                      4924 حدثنا أحمد بن عبيد الله الغداني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع قال سمع ابن عمر مزمارا قال فوضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق وقال لي يا نافع هل تسمع شيئا قال فقلت لا قال فرفع إصبعيه من أذنيه وقال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا قال أبو علي اللؤلؤي سمعت أبا داود يقول هذا حديث منكر حدثنا محمود بن خالد حدثنا أبي حدثنا مطعم بن المقدام قال حدثنا نافع قال كنت ردف ابن عمر إذ مر براع يزمر فذكر نحوه قال أبو داود أدخل بين مطعم ونافع سليمان بن موسى حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال حدثنا أبو المليح عن ميمون عن نافع قال كنا مع ابن عمر فسمع صوت زامر فذكر نحوه قال أبو داود وهذا أنكرها

                                                                      التالي السابق


                                                                      في القاموس : زمر يزمر زمرا وزمر تزميرا غنى في القصب وهي زامرة وهو زمار وزامر قليل وفعلهما الزمارة كالكتابة ، ومزامير داود ما كان يتغنى به من الزبور وضروب الدعاء جمع مزمار ومزمور ، والزمارة كجبانة ما يزمر به كالمزمار .

                                                                      ( أحمد بن عبيد الله ) : ابن سهل أبو عبد الله البصري . قال أبو حاتم صدوق ( الغداني ) : بضم المعجمة وفتح المهملة مخففة آخره نون نسبة إلى غدانة بن يربوع بن حنظلة .

                                                                      ( أخبرنا الوليد بن مسلم ) : أبو العباس الدمشقي من رجال الكتب الستة ، روى عنه أحمد وإسحاق وابن المديني وأبو خيثمة قال ابن مسهر : يدلس وكان من ثقاة أصحابنا ، ووثقه العجلي ويعقوب بن شيبة . وقد صرح بالتحديث .

                                                                      ( أخبرنا سعيد بن عبد العزيز ) : أبو محمد الدمشقي وثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي . وقال الحاكم هو لأهل الشام كمالك لأهل المدينة ( عن سليمان بن موسى ) : الزهري الكوفي نزيل دمشق .

                                                                      قال أبو حاتم : محله الصدق صالح الحديث وذكره ابن حبان في الثقات والله أعلم ( فوضع ) : أي ابن عمر - رضي الله عنه - ( ونأى ) : أي بعد ( وقال لي يا نافع هل تسمع شيئا قال فقلت لا ) : وفي رواية أحمد : يا نافع أتسمع؟ فأقول نعم فيمضي حتى قلت : لا ( فصنع مثل هذا ) : فيه دليل على أن [ ص: 218 ] المشروع لمن سمع الزمارة أن يصنع كذلك . واستشكل إذن ابن عمر لنافع بالسماع ويمكن أنه إذ ذاك لم يبلغ الحلم قاله الشوكاني .

                                                                      قال الخطابي في المعالم : المزمار الذي سمعه ابن عمر هو صفارة الرعاء وقد جاء ذلك مذكورا في هذا الحديث من غير هذه الرواية ، وهذا وإن كان مكروها فقد دل هذا الصنع على أنه ليس في غلظ الحرمة كسائر الزمور والمزاهر والملاهي التي يستعملها أهل الخلاعة والمجون ولو كان كذلك لأشبه أن لا يقتصر في ذلك على سد المسامع فقط دون أن يبلغ فيه من النكر مبلغ الردع والتنكيل . انتهى .

                                                                      ( قال أبو داود : هذا حديث منكر ) : هكذا قاله أبو داود ولا يعلم وجه النكارة فإن هذا الحديث رواته كلهم ثقات وليس بمخالف لرواية أوثق الناس .

                                                                      وقد قال السيوطي : قال الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي هذا حديث ضعفه محمد بن طاهر وتعلق على سليمان بن موسى ، وقد تفرد به ، وليس كما قال فسليمان حسن الحديث وثقه غير واحد من الأئمة ، وتابعه ميمون بن مهران عن نافع وروايته في مسند أبي يعلى ، ومطعم بن المقدام الصنعاني عن نافع وروايته عند الطبراني ، فهذان متابعان لسليمان بن موسى .

                                                                      واعترض ابن طاهر على الحديث بتقريره صلى الله عليه وسلم على الراعي وبأن ابن عمر لم ينه نافعا وهذا لا يدل على إباحة لأن المحظور هو قصد الاستماع لا مجرد إدراك الصوت لأنه لا يدخل تحت تكليف ، فهو كشم محرم طيبا فإنما يحرم عليه قصده لا ما جاءت به ريح لشمه ، وكنظر فجأة بخلاف تتابع نظره فمحرم . وتقرير الراعي لا يدل على إباحة لأنها قضية عين فلعله سمعه بلا رؤيته أو بعيدا منه على رأس جبل أو مكان لا يمكن الوصول إليه أو لعل الراعي لم يكن مكلفا فلم يتعين الإنكار عليه . انتهى كلام السيوطي من مرقاة الصعود .

                                                                      قلت : ورواية ميمون بن مهران ومطعم بن المقدام كلاهما عن نافع هي موجودة عند أبي داود ، لكن من رواية ابن داسة وابن الأعرابي وأبي الحسن بن العبد عن أبي داود دون رواية اللؤلؤي كما سيجيء .

                                                                      [ ص: 219 ] ( حدثنا محمود بن خالد ) : ابن يزيد الدمشقي السلمي وثقه النسائي ( أخبرنا أبي ) : خالد بن يزيد السلمي الدمشقي وثقه ابن حبان ( أخبرنا مطعم بن المقدام ) : الشامي الصنعاني وثقه يحيى بن معين ، وقال أبو حاتم لا بأس به . وهذا حديث سنده قوي جيد .

                                                                      والحديث ليس من رواية اللؤلؤي ، ولذا لم يذكره المنذري في مختصره .

                                                                      وقال المزي في الأطراف : هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد وابن الأعرابي وابن داسة ولم يذكره أبو القاسم . انتهى .

                                                                      ( أدخل ) : بصيغة المجهول أي أدخل بعض الرواة بين مطعم ونافع سليمان بن موسى .

                                                                      قلت : لا مانع أن مطعما رواه عن سليمان عن نافع ثم رواه عن نافع نفسه ( حدثنا أحمد بن إبراهيم ) : ابن كثير البغدادي وثقه صالح جزرة وقال أبو حاتم صدوق ( قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي ) : أبو عبد الرحمن من رجال الكتب الستة وثقه أبو حاتم ( قال أخبرنا أبو المليح ) : الحسن بن عمرو الرقي قال أحمد ثقة ضابط ( عن ميمون ) : بن مهران الرقي وثقه أحمد والنسائي والعجلي وابن سعد وهذا سند جيد قوي .

                                                                      قال المزي : الحديث من رواية ابن العبد وابن الأعرابي وابن داسة ولم يذكره أبو القاسم ( قال أبو داود وهذا ) : الحديث ( أنكرها ) : أي أنكر الرواية .

                                                                      قلت : ولا يعلم وجه النكارة بل إسناده قوي وليس بمخالف لرواية الثقات .




                                                                      الخدمات العلمية