الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      5243 حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد ح و حدثنا أحمد بن منيع عن عباد بن عباد وهذا لفظه وهو أتم عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة تسليمه على من لقي صدقة وأمره بالمعروف صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطته الأذى عن الطريق صدقة وبضعته أهله صدقة قالوا يا رسول الله يأتي شهوة وتكون له صدقة قال أرأيت لو وضعها في غير حقها أكان يأثم قال ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى قال أبو داود لم يذكر حماد الأمر والنهي حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلى عن أبي ذر بهذا الحديث وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه [ ص: 124 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 124 ] وهذا لفظه أي عباد وهو أتم أي حديث عباد عن يحيى بن عقيل ) بضم العين مصغرا ( يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة ) السلامى بضم السين وفتح الميم أي عظام الأصابع والمراد بها العظام كلها

                                                                      قال في النهاية السلامى جمع السلامية وهي الأنملة من أنامل الأصابع وقيل واحده وجمعه سواء ويجمع على سلاميات وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان انتهى

                                                                      قال الطيبي : اسم يصبح إما صدقة أي تصبح الصدقة واجبة على كل سلامى وإما من ابن آدم على تجويز زيادة من والظرف خبره وصدقة فاعل الظرف أي يصبح ابن آدم واجبا على كل مفصل منه صدقة وإما ضمير الشأن والجملة الاسمية بعدها مفسرة له

                                                                      قال القاضي : يعني أن كل عظم من عظام ابن آدم يصبح سليما عن الآفات باقيا على الهيئة التي تتم بها منافعه فعليه صدقة شكرا لمن صوره ووقاه عما يغيره ويؤذيه عن الطريق صدقة ) قال القاضي عياض : يحتمل تسمية هذه الأشياء صدقة أن لها أجرا كما للصدقة أجر وأن هذه الطاعات تماثل الصدقات في الأجور وسماها صدقة على طريق المقابلة وتجنيس الكلام وقيل معناه أنه صدقة على نفسه وبضعته أي : جماعه

                                                                      في المصباح البضع بالضم جمعه أبضاع مثله قفل وأقفال يطلق على الفرج والجماع يأتي أي أحدنا قال النبي صلى الله عليه وسلم أرأيت أي أخبرني لو وضعها أي شهوته أكان يأثم ) زاد مسلم : فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر قال النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 125 ] ويجزئ أي يكفي من ذلك هو بمعنى عن ، أي يكفي عما ذكر مما وجب على السلامى من الصدقات كذا في المرقاة ركعتان ) لأن الصلاة عمل بجميع أعضاء البدن فيقوم كل عضو بشكره من الضحى أي من صلاة الضحى أو في وقت الضحى

                                                                      قال في النهاية فأما الضحوة فهو ارتفاع أول النهار والضحى بالضم والقصر فوقه وبه سميت صلاة الضحى انتهى

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه النسائي . بهذا الحديث السابق وذكر النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم بالرفع فاعل ذكر أي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في وسطه بفتح الواو وسكون السين أي في وسط كلامه أي بين كلامه فالضمير المجرور يرجع إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد نقل هذا الضبط عن العلامة المحدث محمد إسحاق الدهلوي رحمه الله

                                                                      ويحتمل أن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالنصب وفاعل ذكر الراوي وضمير المجرور في لفظ وسطه يرجع إلى الحديث أي ذكر الراوي لفظ النبي صلى الله عليه وسلم في وسط الحديث ولم يذكره في أول الحديث أي بعد أبي ذر فروى الحديث عن أبي ذر بصورة الموقوف ثم ذكر لفظ النبي صلى الله عليه وسلم في وسط الحديث وجعله مرفوعا والله أعلم بالصواب .

                                                                      ويؤيد المعنى الأول الذي نقل عن شيخ شيخنا الدهلوي ما أخرجه أحمد في مسنده من طريق مهدي بن ميمون حدثنا واصل مولى أبي عيينة عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عن أبي ذر قال قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن بكل تسبيحة صدقة وبكل تحميدة [ ص: 126 ] صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ، قال قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته يكون له فيها أجر قال أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر وقال وتهليلة وتكبيرة صدقة وأمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة .

                                                                      وفي رواية له من طريق عبد الرزاق : أنبأنا سفيان عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي ذر قال قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ذهب أهل الأموال بالأجر فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن فيك صدقة كثيرة فذكر فضل سمعك وفضل بصرك قال وفي مباضعتك أهلك صدقة فقال أبو ذر : أيؤجر أحدنا في شهوته قال أرأيت لو وضعته في غير حل أكان عليك وزر قال نعم . قال أفتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير .

                                                                      وفي رواية له من طريق يعلى بن عبيد : حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر يصلون ويصومون ويحجون ، قال وأنتم تصلون وتصومون وتحجون قلت يتصدقون ولا نتصدق قال وأنت فيك صدقة رفعك العظم عن الطريق صدقة وهدايتك الطريق صدقة وعونك الضعيف بفضل قوتك صدقة وبيانك عن الأرتم [ هو الذي لا يفصح الكلام ولا يبينه ] صدقة ومباضعتك امرأتك صدقة فذكر الحديث

                                                                      وأما في الرواية السابقة أي رواية عباد بن عباد فكان ذكر الصدقات في صدر الكلام من غير بيان قصة الأغنياء والفقراء

                                                                      وحديث أبي ذر أخرجه مسلم في كتاب الصلاة في باب استحباب صلاة الفتح حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي قال أخبرنا مهدي وهو ابن ميمون أخبرنا واصل مولى أبي عيينة عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى .

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه مسلم .




                                                                      الخدمات العلمية