الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          637 حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأتين أتتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أيديهما سواران من ذهب فقال لهما أتؤديان زكاته قالتا لا قال فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحبان أن يسوركما الله بسوارين من نار قالتا لا قال فأديا زكاته قال أبو عيسى وهذا حديث قد رواه المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب نحو هذا والمثنى بن الصباح وابن لهيعة يضعفان في الحديث ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وفي أيديهما سواران ) تثنية سوار ككتاب وغراب : القلب كالأسوار بالضم وجمعه أسورة وأساور وأساورة كذا في القاموس ، قلت : يقال له في الفارسية : دست برنجن وفي الهندية : كنكن ( أتؤديان زكاته ) أي الذهب أو ما ذكر من السوارين ، قال الطيبي : الضمير فيه بمعنى اسم الإشارة كما في قوله تعالى . لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك ( فأديا زكاته ) فيه دليل وجوب الزكاة في الحلي وهو الحق .

                                                                                                          [ ص: 230 ] قوله : ( ولا يصح في هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء ) قال ابن الملقن : بل رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح ذكره ميرك ، كذا في المرقاة ، وقال الزيلعي في نصب الراية : قال المنذري : لعل الترمذي قصد الطريقين الذين ذكرهما ، فطريق أبي داود لا مقال فيها ، انتهى .

                                                                                                          وقال الحافظ ابن حجر في الدراية ـ بعد نقل كلام الترمذي هذا ـ ما لفظه : كذا قال ، وغفل عن طريق خالد بن الحارث ، انتهى .

                                                                                                          قلت : روى أبو داود في سننه حدثنا أبو كامل وحميد بن مسعدة المعنى أن خالد بن الحارث حدثهم : أخبرنا حسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعها ابنة لها ، وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها : أتعطين زكاة هذا؟ قالت : لا ، قال : أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ قال : فخلعتهما فألقتهما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت : هما لله ورسوله . وإلى هذا الحديث أشار ابن الملقن والمنذري والحافظ ابن حجر .

                                                                                                          وقال الزيلعي في نصب الراية ـ بعد ذكر حديث أبي داود هذا ـ ما لفظه : قال ابن القطان في كتابه : إسناده صحيح ، وقال المنذري في مختصره : إسناده لا مقال فيه ؛ فإن أبا داود رواه عن أبي كامل الجحدري وحميد بن مسعدة وهما من الثقات احتج بهما مسلم ، وخالد بن الحارث إمام فقيه احتج به البخاري ومسلم ـ وكذلك حصين بن ذكوان المعلم ـ احتجا به في الصحيح . ووثقه ابن المديني وابن معين وأبو حاتم وعمرو بن شعيب فهو ممن قد علم ، وهذا إسناد يقوم به الحجة إن شاء الله تعالى . انتهى .

                                                                                                          قلت : فظهر أن قول الترمذي : لا يصح في هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء ؛ غير صحيح ، والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية