الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الإسراع بالجنازة

                                                                                                          1015 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع سعيد بن المسيب عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال أسرعوا بالجنازة فإن يكن خيرا تقدموها إليه وإن يكن شرا تضعوه عن رقابكم وفي الباب عن أبي بكرة قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ) أي : يرفع الحديث إليه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          قوله : ( أسرعوا ) أمر من الإسراع بالجنازة ، قال الحافظ في الفتح : نقل ابن قدامة أن الأمر فيه للاستحباب بلا خلاف بين العلماء ، وشذ ابن حزم فقال بوجوبه ، والمراد بالإسراع شدة المشي ، وعلى ذلك حمله بعض السلف ، وهو قول الحنفية ، قال صاحب الهداية : ويمشون بها مسرعين دون الخبب ، وفي المبسوط ليس فيه شيء مؤقت غير أن العجلة أحب إلى أبي حنيفة ، وعن الشافعي والجمهور : المراد بالإسراع ما فوق سجية المشي المعتاد ، ويكره الإسراع الشديد ، ومال عياض إلى نفي الخلاف فقال : من استحبه أراد الزيادة على المشي المعتاد ، ومن كرهه أراد الإفراط فيه كالرمل ، والحاصل أنه يستحب الإسراع بها لكن بحيث لا ينتهي إلى شدة يخاف معها حدوث مفسدة بالميت ، أو مشقة على الحامل ، أو المشيع ؛ لئلا ينافي المقصود من النظافة أو ادخال المشقة على المسلم . انتهى كلام الحافظ ( بالجنازة ) أي : بحملها إلى قبرها ( فإن تك ) أي : الجثة المحمولة ، قاله الحافظ ، وقال القاري : أي : فإن تكن الجنازة ، قال المظهر : الجنازة بالكسر الميت ، وبالفتح السرير ، فعلى هذا أسند الفعل إلى الجنازة ، وأريد بها الميت ( خيرا ) أي : ذا خير ، وفي رواية الشيخين : صالحة ( تقدموها ) أي : الجنازة ( إليه ) أي : الخير ، وفي رواية الشيخين فإن تكن صالحة فخير تقدمونها إليه قال القاري : [ ص: 82 ] فإن كان حال ذلك الميت حسنا طيبا فأسرعوا به حتى يصل إلى تلك الحالة الطيبة عن قريب ، قال الحافظ : وفي الحديث استحباب المبادرة إلى دفن الميت ، لكن بعد أن يتحقق أنه مات ، أما مثل المطعون والمفلوج والمسبوت فينبغي أن لا يسرع بدفنهم حتى يمضي يوم وليلة ليتحقق موتهم ، نبه على ذلك ابن بزيزة . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي بكرة ) أخرجه أبو داود من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أنه كان في جنازة عثمان بن أبي العاص ، وكنا نمشي مشيا خفيفا فلحقنا أبو بكرة فرفع سوطه فقال لقد رأيتنا ـ ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ نرمل رملا . انتهى ، وسكت عنه أبو داود والمنذري ، وقال النووي في الخلاصة : سنده صحيح ، قال العيني : نرمل رملا من رمل رملا ورملانا إذا أسرع في المشي ، وهز منكبيه ، ومراده الإسراع المتوسط ، ويدل عليه ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عبد الله بن عمرو أن أباه أوصاه قال : إذا حملتني على السرير فامش مشيا بين المشيين ، وكن خلف الجنازة ، فإن مقدمتها للملائكة وخلفها لبني آدم . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة .




                                                                                                          الخدمات العلمية