الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1097 حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا زياد بن عبد الله حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام أول يوم حق وطعام يوم الثاني سنة وطعام يوم الثالث سمعة ومن سمع سمع الله به قال أبو عيسى حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث زياد بن عبد الله وزياد بن عبد الله كثير الغرائب والمناكير قال وسمعت محمد بن إسمعيل يذكر عن محمد بن عقبة قال قال وكيع زياد بن عبد الله مع شرفه يكذب في الحديث

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا زياد بن عبد الله ) بن الطفيل العامري البكائي بفتح المهملة وتشديد الكاف . أبو محمد الكوفي صدوق ثبت في المغازي ، وفي حديثه عن غير ابن إسحاق لين . من الثامنة قاله الحافظ ( عن أبي عبد الرحمن ) السلمي الكوفي المقري اسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة ، ثقة ثبت من الثانية ( طعام أول يوم حق ) أي : ثابت ، ولازم فعله وإجابته ، أو واجب وهذا عند من ذهب إلى أن الوليمة واجبة ، أو سنة مؤكدة . فإنها في معنى الواجب . حيث يسيء بتركها ويترتب عتاب وإن لم يجب عقاب ، قاله القاري . قلت هذا الحديث من متمسكات من قال بالوجوب كما تقدم ( وطعام يوم الثاني سنة ) وروى أبو داود هذا الحديث عن رجل أعور من ثقيف بلفظ ( الوليمة أول يوم حق ) ، والثاني معروف إلخ . أي : ليس بمنكر ( وطعام يوم الثالث سمعة ) بضم السين أي : سمعة ورياء ليسمع الناس ويرائيهم ، وفي رواية أبي داود سمعة ورياء ( ومن سمع سمع الله به ) بتشديد الميم فيهما أي : من شهر نفسه بكرم ، أو غيره فخرا ، أو رياء شهره الله يوم القيامة بين أهل العرصات ، بأنه مراء ، كذاب ، بأن أعلم الله الناس بريائه وسمعته ، وقرع باب أسماع خلقه ، فيفتضح بين الناس ، قال الطيبي : إذا أحدث الله تعالى لعبد نعمة حق له أن يحدث شكرا ، واستحب ذلك في الثاني جبرا لما يقع من النقصان في اليوم الأول ، فإن السنة مكملة للواجب ، وأما اليوم الثالث فليس إلا رياء وسمعة ، والمدعو يجب عليه الإجابة في الأول ، ويستحب في الثاني ، ويكره ، بل يحرم في الثالث . انتهى ، قال القاري ، وفيه رد صريح على أصحاب مالك حيث قالوا باستحباب سبعة أيام لذلك . انتهى . قلت : لعلهم تمسكوا بما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت : لما تزوج أبي دعا الصحابة سبعة أيام . فلما كان يوم الأنصار دعا أبي بن كعب ، وزيد بن ثابت وغيرهما ، فكان أبي صائما فلما طعموا دعا أبي وأثنى ، وأخرجه البيهقي من وجه آخر أتم سياقا منه ، وأخرجه عبد الرزاق إلى حفصة فيه ثمانية أيام . ذكره الحافظ في الفتح ، وقد جنح الإمام البخاري في صحيحه إلى جواز الوليمة سبعة أيام حيث [ ص: 187 ] قال باب حق إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم بسبعة أيام ونحوه ، ولم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، ولا يومين . انتهى ، وأشار بهذا إلى ضعف حديث الباب ، ولكن ذكر الحافظ في الفتح شواهد لهذا الحديث ، وقال بعد ذكرها : هذه الأحاديث ، وإن كان كل منها لا يخلو عن مقال فمجموعها يدل على أن للحديث أصلا ، قال ، وقد عمل به يعني : بحديث الباب الشافعية ، والحنابلة ، قال : وإلى ما جنح إليه البخاري ذهب المالكية ، قال عياض : استحب أصحابنا لأهل السعة كونها أسبوعا ، قال ، وقال بعضهم : محله إذا دعا في كل يوم من لم يدع قبله ولم يكرر عليهم ، وإذا حملنا الأمر في كراهة الثالث على ما إذا كان هناك رياء وسمعة ومباهاة كان الرابع ، وما بعده كذلك . فيمكن حمل ما وقع من السلف من الزيادة على اليومين عند الأمن من ذلك ، وإنما أطلق ذلك على الثالث لكونه الغالب . انتهى كلام الحافظ مختصرا . قوله : ( حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث زياد بن عبد الله ) وقال الدارقطني به زياد بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عنه ، قال الحافظ : وزياد مختلف في الاحتجاج به ، ومع ذلك فسماعه عن عطاء بعد الاختلاط ( وزياد بن عبد الله كثير الغرائب والمناكير ) قال الحافظ في الفتح : وشيخه فيه عطاء بن السائب وسماع زياد منه بعد اختلاطه ، فهذه علته . انتهى ، وقد عرفت أن لحديثه شواهد يدل مجموعها أن للحديث أصلا ( قال وكيع زياد بن عبد الله مع شرفه يكذب في الحديث ) قال الحافظ في التقريب : لم يثبت أن وكيعا كذبه وله في البخاري موضع واحد متابعة . انتهى ، وحديث الباب أخرجه أبو داود من حديث رجل من ثقيف ، قال قتادة : إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه ، وإسناده ليس بصحيح كما صرح به البخاري في تاريخه الكبير ، وأخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة ، وفي إسناده عبد الملك بن حسين النخعي الواسطي ، قال الحافظ ضعيف ، وفي الباب عن أنس عند البيهقي ، وفي إسناده بكر بن خنيس ، وهو ضعيف ، وذكره ابن أبي حاتم والدارقطني في العلل من حديث الحسن عن أنس ورجحا رواية من أرسله عن الحسن ، وفي الباب أيضا عن وحشي بن حرب عند الطبراني بإسناد ضعيف ، وعن ابن عباس عنده أيضا بإسناد كذلك .




                                                                                                          الخدمات العلمية