الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          171 حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا علي ثلاث لا تؤخرها الصلاة إذا آنت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت لها كفئا قال أبو عيسى هذا حديث غريب حسن

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن سعيد بن عبد الله الجهني ) الحجازي روى عن محمد بن عمر بن علي ، وعنه ابن وهب ، وثقه ابن حبان ، له حديث عندهم ، كذا في الخلاصة وقال في التقريب مقبول .

                                                                                                          ( عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ) الهاشمي قال الحافظ صدوق ، وقال في الخلاصة وثقه ابن حبان .

                                                                                                          ( عن أبيه ) أي عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي ثقة وثقه العجلي وغيره .

                                                                                                          [ ص: 441 ] قوله : ( يا علي ثلاث ) أي من المهمات ، وهو المسوغ للابتداء ، والمعنى ثلاثة أشياء وهي الصلاة والجنازة والمرأة ، ولذا ذكر العدد .

                                                                                                          ( لا تؤخرها ) بالرفع خبر لثلاث ( الصلاة ) بالرفع ، أي منها أو إحداها أو وهي .

                                                                                                          ( إذا آنت ) بالمد والنون من آن يئين أينا مثل حانت مبنى ومعنى . وفي بعض النسخ أتت بالتاءين من الإتيان ، قال السيوطي في قوت المغتذي : قال ابن العربي وابن سيد الناس كذا رويناه بتاءين كل واحدة منهما معجمة باثنتين من فوقها ، وروي آنت بنون ومد بمعنى حانت وحضرت ، انتهى . وقال القاري في المرقاة : قال التوربشتي في أكثر النسخ المقروءة أتت بالتاءين وكذا عند أكثر المحدثين ، وهو تصحيف والمحفوظ من ذوي الإتقان آنت على وزن حانت ذكره الطيبي . انتهى ما في المرقاة .

                                                                                                          ( والجنازة إذا حضرت ) بكسر الجيم وفتحها لغتان في النعش والميت ، وقيل الكسر للأول والفتح للثاني والأصح أنهما للميت في النعش ، قال الأشرف : فيه دليل على أن الصلاة على الجنازة لا تكره في الأوقات المكروهة نقله الطيبي ، قال القاري : وهو كذلك عندنا - يعني الحنفية أيضا - إذا حضرت في تلك الأوقات من الطلوع والغروب والاستواء ، وأما إذا حضرت قبلها وصلي عليها في تلك الأوقات فمكروهة ، وكذا حكم سجدة التلاوة ، وأما بعد الصبح وقبله وبعد العصر فلا يكرهان مطلقا . انتهى كلام القاري .

                                                                                                          ( والأيم ) بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة أي المرأة العزبة ولو بكرا .

                                                                                                          ( إذا وجدت ) أنت ( لها كفؤا ) الكفؤ : المثل .

                                                                                                          وفي النكاح أن يكون الرجل مثل المرأة في الإسلام والحرية والصلاح والنسب وحسن الكسب والعمل ، قال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث : رواه الترمذي من حديث علي وقال : غريب وليس إسناده بمتصل ، وكذا قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية بعد ذكر هذا الحديث بإسناده نقلا عن جامع الترمذي .

                                                                                                          قلت : ليست هذه العبارة أعني غريب وليس إسناده بمتصل في النسخ المطبوعة والقلمية الموجودة عندنا ، وقال الحافظ في الدراية بعد ذكر هذا الحديث : أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد ضعيف .

                                                                                                          قوله : ( حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث ) عبد الله بن عمر العمري هذا هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن [ ص: 442 ] عمر بن الخطاب المدني ضعيف عابد ، وقال الذهبي في الميزان : صدوق في حفظه شيء ، وروى أحمد بن أبي مريم عن ابن معين ليس به بأس يكتب حديثه ، وقال الدارمي قلت لابن معين كيف حاله في نافع؟ قال : صالح ثقة ، وقال الفلاس : كان يحيى القطان لا يحدث عنه ، وقال أحمد بن حنبل : صالح لا بأس به . وقال النسائي وغيره ليس بالقوي ، وقال ابن المديني : عبد الله ضعيف ، وقال ابن حبان : كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار وجودة الحفظ للآثار فلما فحش خطؤه استحق الترك ، انتهى .

                                                                                                          ( واضطربوا في هذا الحديث ) قال الزيلعي في نصب الراية : ذكر الدارقطني في كتاب العلل في هذا الحديث اختلافا كثيرا واضطرابا ثم قال : والقوي قول من قال عن القاسم عن جدته أم الدنيا عن أم فروة ، انتهى . قال في الإمام : وما فيه من الاضطراب في إثبات الواسطة بين القاسم وأم فروة وإسقاطها يعود إلى العمري وقد ضعف ، ومن أثبت الواسطة يقضي على من أسقطها وتلك الواسطة مجهولة . انتهى ما في الميزان .




                                                                                                          الخدمات العلمية