الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1961 حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا سعيد بن محمد الوراق عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلى الله عز وجل من عالم بخيل قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة إلا من حديث سعيد بن محمد وقد خولف سعيد بن محمد في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد إنما يروى عن يحيى بن سعيد عن عائشة شيء مرسل

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن يحيى بن سعيد ) بن قيس الأنصاري القاضي .

                                                                                                          قوله : ( السخي ) هو الذي اختار رضا المولى في بذله على الغني ( قريب من الله ) أي من رحمته ( قريب من الجنة ) بصرف المال وإنفاقه فيما ينبغي ( قريب من الناس ) لأن السخي يحبه جميع الناس ولو لم يحصل لبعضهم نفع من سخاوته كحبه العادل ( والبخيل ) هو الذي لا يؤدي الواجب عليه ( بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ) معنى هذه الجملة ظاهر مما قبلها ، والأشياء تتبين بأضدادها ( والجاهل السخي ) قال القاري : أراد به ضد العابد وهو من يؤدي الفرائض دون النوافل ; لأن ترك الدنيا رأس كل عبادة وإنما عبر عنه بالجاهل لأنه أراد به أنه مع [ ص: 82 ] كونه جاهلا غير عالم بما لم يجب عليه وجوب عين ( أحب إلى الله عز وجل من عابد ) أي كثير النوافل سواء يكون عالما أم لا ( بخيل ) لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، وأيضا البخيل الشرعي هو من ترك الواجب الشرعي المالي والسخي ضده ، ولا شك أن من قام بالفرائض وترك النوافل أفضل ممن قام بالنوافل وترك الفرائض ، قال وهذا الذي قررنا أولى من قول الطيبي : يفهم منه أن جاهلا غير عابد أحب من عالم عابد رعاية للمطابقة ، فيا لها من حسنة غطت خصلتين ذميمتين ، ويا لها من سيئة غطت حسنتين كريمتين .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب ) وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن جابر بن عبد الله ، والطبراني في الأوسط عن عائشة ، قال المناوي : بأسانيد ضعيفة يقوي بعضها بعضا ( لا نعرفه من حديث يحيى بن سعيد عن الأعرج عن أبي هريرة إلا من حديث سعيد بن محمد ) الوراق المذكور وهو ضعيف .

                                                                                                          قوله : ( وقد خولف سعيد بن محمد في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد إلخ ) أي خالفه غيره في رواية هذا الحديث عن يحيى بن سعيد ، فرواه هو عن يحيى عن الأعرج عن أبي هريرة متصلا وجعله من مسند أبي هريرة ، ورواه غيره عن يحيى عن عائشة مرسلا يعني منقطعا وجعله من مسند عائشة .

                                                                                                          تنبيه : قد أورد الحافظ السيوطي هذا الحديث في كتابه الجامع الصغير نقلا عن الترمذي بلفظ : ولجاهل سخي أحب إلى الله من عالم بخيل قال المناوي في شرحه : لأن الأول سريع الانقياد إلى ما يؤمر به من نحو تعلم ، وإلى ما ينهى عنه بخلاف الثاني انتهى .

                                                                                                          قلت : في نسخ الترمذي الموجودة عندنا كلها : ( من عابد بخيل ) ، وكذلك في المشكاة ، وكذلك في الترغيب للمنذري ، وليس في واحد منها : " من عالم بخيل " ، فالظاهر أنه من وهم الناسخ والله تعالى أعلم .

                                                                                                          [ ص: 83 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية