الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2448 حدثنا محمد بن يحيى الأزدي البصري حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا هاشم وهو ابن سعيد الكوفي حدثني زيد الخثعمي عن أسماء بنت عميس الخثعمية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بئس العبد عبد تخيل واختال ونسي الكبير المتعال بئس العبد عبد تجبر واعتدى ونسي الجبار الأعلى بئس العبد عبد سها ولها ونسي المقابر والبلى بئس العبد عبد عتا وطغى ونسي المبتدا والمنتهى بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات بئس العبد عبد طمع يقوده بئس العبد عبد هوى يضله بئس العبد عبد رغب يذله قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده بالقوي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا هاشم بن سعيد الكوفي ) ثم البصري أبو إسحاق ضعيف من الثامنة ( حدثني زيد الخثعمي ) أو السلمي هو ابن عطية مجهول من الثالثة وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته روى له الترمذي حديثا واحدا متنه : ( بئس العبد عبد تجبر واعتدى ) الحديث وقال غريب ( عن أسماء بنت عميس الخثعمية ) هي صحابية تزوجها جعفر بن أبي طالب [ ص: 121 ] ثم أبو بكر ثم علي بن أبي طالب وولدت لهم ، وهي أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمها ماتت بعد علي .

                                                                                                          قوله : ( بئس العبد ) لم يقل بئس الرجل أو المرء تنبيها على أن الأوصاف الآتية ليست من مقتضيات العبدية ولا نعوت العبودية ( عبد تخيل ) بخاء معجمة أي تخيل في نفسه فضلا على غيره قاله المناوي ( واختال ) أي تكبر ( ونسي الكبير المتعال ) بحذف الياء مراعاة للفاصلة وهو لغة في المنقوص المعرف وعليه قراءة الجمهور في قوله تعالى : عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال أي نسي أن الكبرياء والتعالي ليست إلا له ( وبئس العبد عبد تجبر ) بالجيم أي جبر الخلق على هواه قاله المناوي . وقال القاري : أي قهر على المظلومين وفي القاموس : يجبر وجبره على الأمر أكرهه كأجبره انتهى . فالتجبر بمعنى التكبر مع تضمن معنى القهر والغلبة والإكراه ( واعتدى ) أي في تجبر فمن خالفه قهره بقتل أو غيره ( ونسي الجبار الأعلى ) أي القهار الذي فوق عباده الغالب على أمره ( عبد سها ) أي غفل عن الحق والطاعة باستغراقه في الأماني وجمع الحطام ( ولها ) أي اشتغل باللهو واللعب ( ونسي المقابر ) المراد أنه نسي الموت بعدم الاستعداد له ( والبلى ) بكسر الموحدة وهو تفتت الأعضاء وتشتت الأجزاء إلى أن تصير رميما ورفاتا ( بئس العبد عبد عتا ) من العتو أي أفسد ( وطغى ) من الطغيان أي تجاوز عن الحد وقيل معناهما واحد وأتى بهما تأكيدا والثاني تفسير أو أتى به للفاصلة .

                                                                                                          ( ونسي المبتدأ والمنتهى ) بصيغة المفعول . قال الأشرف : أي نسي ابتداء خلقه وهو كونه نطفة ، وانتهاء حاله الذي يئول إليه وهو صيرورته ترابا ، أي من كان ذلك ابتداؤه ويكون انتهاؤه هذا جدير بأن يطيع الله تعالى فيما بينهما . وقيل أي نسي المبتدأ والمعاد وما هو صائر إليه بعد حشر الأجساد ( عبد يختل ) بكسر التاء أي يطلب ( الدنيا بالدين ) أي بعمل الآخرة من ختله إذا خدعه كذا في النهاية .

                                                                                                          والمعنى : يخدع أهل الدنيا بعمل الصلحاء ليعتقدوا فيه ، وينال منهم مالا أو جاها من ختل الذئب الصيد خدعه وخفي له . قال القاضي : ختل الصائد إذا مشى للصيد قليلا قليلا لئلا يحس به ، شبه فعل من يرى ورعا ودينا ليتوسل به إلى المطالب الدنيوية بختل الذئب الصائد ( عبد يختل الدين ) أي يفسده ( بالشبهات ) بضمتين وبفتح الثانية أي يتشبث بالشبهات ويتأول المحرمات .

                                                                                                          [ ص: 122 ] ( بئس العبد عبد طمع ) أي له طمع أو ذو طمع أو وصف بالمصدر مبالغة ولو قرئ بإضافة العبد لاستقام من غير تكلف ( يقوده ) أي يسحبه الطمع إلى معصية الله تعالى ( بئس العبد عبد هوى يضله ) أي يضله هوى النفس ( بئس العبد عبد رغب ) قال في اللمعات : الرغب بضم الراء وفتحها مصدر رغب على حد طمع ، في القاموس : رغب فيه رغبا ويضم ورغبه أراده والرغب بالضم وبضمتين كثرة الأكل وكثرة النهم فعله ككرم ، انتهى . والمراد الرغبة في الدنيا والإكثار منها ، انتهى . وقال الجزري في النهاية : الرغب شؤم أي الشرة والحرص على الدنيا وقيل : سعة الأمل وطلب الكثير ( يذله ) بضم أوله وكسر الذال أي يذله حرص على الدنيا وتهافت عليها وإضافة العبد إليه للإهانة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ) وأخرجه ابن ماجه والحاكم بإسناد مظلم والطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان عن نعيم بن حمار بكسر المهملة وخفة الميم .

                                                                                                          قال المناوي : وهو ضعيف لضعف طلحة الرقي ( وليس إسناده بالقوي ) في سنده هاشم بن سعيد الكوفي وهو ضعيف ، وفيه أيضا زيد الخثعمي وهو ابن عطية مجهول .




                                                                                                          الخدمات العلمية