الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2568 حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور بن المعتمر قال سمعت ربعي بن حراش يحدث عن زيد بن ظبيان يرفعه إلى أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله فأما الذين يحبهم الله فرجل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم فمنعوه فتخلف رجل بأعقابهم فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به نزلوا فوضعوا رءوسهم فقام أحدهم يتملقني ويتلو آياتي ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا وأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم حدثنا محمود بن غيلان حدثنا النضر بن شميل عن شعبة نحوه قال أبو عيسى هذا حديث صحيح وهكذا روى شيبان عن منصور نحو هذا وهذا أصح من حديث أبي بكر بن عياش

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن زيد بن ظبيان ) بفتح المعجمة بعدها موحدة ساكنة الكوفي مقبول ، من الثانية . قاله الحافظ في التقريب . وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته : روى عن أبي ذر وعنه ربعي بن حراش روى له الترمذي والنسائي حديثا واحدا : ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم . قال ذكره ابن حبان في الثقات ، وأخرج هو وابن خزيمة به في الصحيح ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( فأما الذين يحبهم الله فرجل ) أي معطي رجل ( أتى قوما فسألهم بالله ) أي مستعطفا بالله قائلا : أنشدكم بالله أعطوني ( ولم يسألهم لقرابة ) أي ولم يقل أعطوني بحق قرابة ( فمنعوه ) أي الرجل العطاء ( فتخلف رجل بأعقابهم ) قال القاري : الباء للتعدية ، أي بأشخاصهم وتقدم .

                                                                                                          وقيل : أي تأخر رجل من بينهم إلى جانب حتى لا يروه بأعيانهم من أشخاصهم . وقال الطيبي : أي ترك القوم المسئول عنهم خلفه فتقدم فأعطاه سرا ، والمراد من الأعيان الأشخاص أي سبقهم بهذا الخير فجعلهم خلفه ، وفي رواية الطبراني : فتخلف رجل عن أعيانهم ، وهذا أشبه معنى والأول أوثق سندا . والمعنى أنه تخلف عن أصحابه حتى خلا بالسائل فأعطاه سرا ( ولا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه ) تقرير لمعنى السر ( وقوم ) أي وقائم قوم ( أحب إليهم ) أي ألذ وأطيب ( مما يعدل به ) أي من كل شيء [ ص: 247 ] يقابل ويساوى بالنوم ( فوضعوا رءوسهم ) أي فناموا ( قام رجل ) أي من النوم ( يتملقني ) أي يتواضع لدي ويتضرع إلي . قال الطيبي : والملق بالتحريك الزيادة في التودد والدعاء والتضرع ، قيل : دل أول الحديث على أنه من كلامه -صلى الله عليه وسلم- وآخره على أنه من كلامه تعالى ، ووجه بأن مقام المناجاة يشتمل على أسرار ومناجاة بين المحب والمحبوب .

                                                                                                          فحكى الله لنبيه ما جرى بينه وبين عبده فحكى النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك لا بمعناه إذ لا يقال يتملق الله ، وليس هذا من الالتفات في شيء كذا في المرقاة ( ويتلو آياتي ) أي يقرأ ألفاظهم ويتبعها بالتأمل في معانيها ( فهزموا ) أي أصحابه ( فأقبل بصدره ) أي خلاف من ولى دبره بتولية ظهره ( حتى يقتل أو يفتح له ) أي حتى يفوز بإحدى الحسنيين ( الشيخ الزاني ) يحتمل أن يراد بالشيخ الشيبة ضد الشاب ، وأن يراد به المحصن ضد البكر كما في الآية المنسوخة : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ( والفقير المختال ) أي المتكبر ( والغني الظلوم ) أي كثير الظلم في المطل وغيره ، وإنما خص الشيخ وأخويه بالذكر ؛ لأن هذه الخصال فيهم أشد مذمة وأكثر نكرة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث صحيح ) وأخرجه النسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم .



                                                                                                          الخدمات العلمية