الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية النوم قبل الوتر

                                                                                                          455 حدثنا أبو كريب حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن إسرائيل عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن أبي ثور الأزدي عن أبي هريرة قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتر قبل أن أنام قال عيسى بن أبي عزة وكان الشعبي يوتر أول الليل ثم ينام قال وفي الباب عن أبي ذر قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه وأبو ثور الأزدي اسمه حبيب بن أبي مليكة وقد اختار قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن لا ينام الرجل حتى يوتر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في كراهية النوم قبل الوتر ) أي لمن يخشى أن لا يستيقظ من آخر الليل

                                                                                                          قوله : ( عن عيسى بن أبي عزة ) بمهملة ، ثم معجمة مشددة واسمه سماك الكوفي مولى [ ص: 444 ] عبد الله بن الحارث الشعبي روى عن ابن عمر مولاه عامر الشعبي وشريح القاضي وعنه إسرائيل وغيره صدوق ربما وهم كذا في تهذيب التهذيب والتقريب ( عن أبي ثور الأزدي ) الحداني الكوفي قيل هو حبيب بن أبي مليكة مقبول من الثانية كذا في التقريب وذكره ابن حبان في الثقات

                                                                                                          قوله : ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتر قبل أن أنام ) وروى الشيخان عن أبي هريرة قال : أوصاني خليلي بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام . قال الحافظ في الفتح : وفيه استحباب تقدم الوتر على النوم ، وذلك في حق من لم يثق بالاستيقاظ . وهذه الوصية لأبي هريرة ورد مثلها لأبي الدرداء فيما رواه مسلم ولأبي ذر فيما رواه النسائي .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي ذر ) أخرجه النسائي بلفظ : قال أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن إن شاء الله تعالى ، أبدا : أوصاني بصلاة الضحى وبالوتر قبل النوم وبصيام ثلاثة أيام في كل شهر . وفي الباب عن أبي الدرداء أيضا أخرجه مسلم بمعنى حديث أبي ذر .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي هريرة حديث غريب من هذا الوجه ) وأخرجه الشيخان من وجه آخر عنه فاللفظ الذي ذكرنا ( وأبو ثور الأزدي اسمه حبيب بن أبي مليكة ) كذا جزم الترمذي بأنهما واحد ، وفرق الحاكم أبو أحمد وغيره بينهما ، كذا في تهذيب التهذيب . وقال في التقريب في ترجمة حبيب بن أبي مليكة النهدي : إنه أبو ثور الكوفي مقبول من الثالثة وقيل إنه أبو ثور الأزدي ولا يصح ، انتهى ( وقد اختار قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهما أن لا ينام الرجل حتى يوتر ) والظاهر أنهم اختاروه لمن يخشى أن لا يستيقظ من آخر الليل كما يدل عليه حديث حابر [ ص: 445 ] رضي الله عنه الذي ذكره الترمذي بعد هذا ( وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من خشي منكم . إلخ ) رواه مسلم أيضا ( فإن قراءة القرآن في آخر الليل محضورة ) أي تحضرها ملائكة الرحمة ( وهي ) أي قراءة القرآن في آخر الليل . قال الحافظ في الفتح : لا معارضة بين وصية أبي هريرة بالوتر قبل النوم وبين قول عائشة : وانتهى وتره إلى السحر ؛ لأن الأول لإرادة الاحتياط ، والآخر لمن علم من نفسه قوة كما ورد في حديث جابر عند مسلم ، انتهى . وقال النووي تحت حديث جابر هذا : فيه دليل صريح على أن تأخير الوتر إلى آخر الليل أفضل لمن وثق بالاستيقاظ آخر الليل ، وأن من لا يثق بذلك فالتقديم له أفضل ، وهذا هو الصواب يحمل باقي الأحاديث المطلقة على هذا التفصيل الصحيح الصريح ، انتهى




                                                                                                          الخدمات العلمية