الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                      القول عند دخول الخلاء

                                                                                                      19 أخبرنا إسحق بن إبراهيم قال أنبأنا إسمعيل عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث

                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                      19 ( عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي الخلاء بالفتح والمد موضع قضاء الحاجة ، وقوله إذا دخل الخلاء يحتمل أن يراد به إذا أراد الدخول نحو قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة أي إذا أردتم القيام ، فإذا قرأت القرآن أي إذا أردت القراءة ، وكذلك وقع في صحيح البخاري ، ويحتمل أن يراد به ابتداء الدخول ، ويبتنى عليه من دخل ونسي التعوذ فهل يتعوذ أم لا؟ كرهه جماعة من السلف ، منهم ابن عباس [ ص: 21 ] وعطاء والشعبي ، فحمل الحديث عندهم على المعنى الأول ، وأجازه جماعة منهم ابن عمر وابن سيرين والنخغي ، ولم يحتج هؤلاء إلى حمل الحديث على مجازه من العبارة بالدخول على إرادته ، وورد في سبب هذا التعوذ ما أخرجه الترمذي في العلل عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن هذه الحشوش محتضرة ، فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث قال الخطابي الخبث بضم الباء جمع خبيث ، والخبائث جمع خبيثة ، يريد ذكران الشياطين وإناثهم ، وعامة أهل الحديث يقولون الخبث ساكنة الباء وهو غلط ، والصواب الخبث مضمومة الباء قال وأما الخبث بالسكون فهو الشر ، قال ابن الأعرابي أصل الخبث في كلام العرب المكروه فإن كان من الكلام فهو الشتم ، وإن كان من الملل فهو الكفر ، وإن كان من الطعام فهو الحرام ، وإن كان من الشراب فهو الضار ، قال ابن سيد الناس وهذا الذي أنكره الخطابي هو الذي حكاه أبو عبيد القاسم بن سلام وحسبك به جلالة وقال القاضي عياض أكثر روايات الشيوخ بالإسكان وقال القرطبي رويناه بالضم والإسكان قال ابن دقيق العيد مؤيدا لابن سيد الناس لا ينبغي أن يعد مثل هذا غلطا ؛ لأن فعل بضم الفاء والعين يسكنون عينه قياسا ، فلعل من سكنها سلك ذلك المسلك ولم ير غير ذلك مما يخالف المعنى الأول ، وقال التوربشتي في إيراد الخطابي هذا اللفظ في جملة الألفاظ الملحونة نظر ؛ لأن الخبيث إذا جمع يجوز أن تسكن الباء للتخفيف ، وهذا مستفيض لا يسع أحدا مخالفته ، إلا أن يزعم أن ترك التخفيف فيه أولى لئلا يشتبه بالخبث الذي هو المصدر

                                                                                                      [ ص: 22 ]



                                                                                                      الخدمات العلمية