الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 92 ] ذكر إسلام ضماد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      روى مسلم والبيهقي من حديث داود بن أبي هند عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قدم ضماد مكة وهو رجل من أزد شنوءة ، وكان يرقى من هذه الريح ، فسمع سفهاء من سفهاء الناس يقولون : إن محمدا مجنون . فقال : أين هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يدي ؟ فلقيت محمدا ، فقلت : إني أرقي من هذه الرياح ، وإن الله يشفي على يدي من شاء ، فهلم . فقال محمد : " إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " . ثلاث مرات . فقال : والله لقد سمعت قول الكهنة ، وقول السحرة ، وقول الشعراء ، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات ، فهلم يدك أبايعك على الإسلام . فبايعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له : " وعلى قومك ؟ " . فقال : وعلى قومي . فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية ، فمروا بقوم ضماد ، فقال صاحب الجيش للسرية : هل أصبتم من هؤلاء القوم شيئا ؟فقال رجل منهم : أصبت منهم [ ص: 93 ] مطهرة . فقال : ردها عليهم ; فإنهم قوم ضماد . وفي رواية : فقال له ضماد : أعد علي كلماتك هؤلاء ; فلقد بلغن ناعوس البحر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر أبو نعيم في " دلائل النبوة " إسلام من أسلم من الأعيان فصلا طويلا ، واستقصى ذلك استقصاء حسنا ، رحمه الله وأثابه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد سرد ابن إسحاق أسماء من أسلم قديما من الصحابة ، رضي الله عنهم ، قال : ثم أسلم أبو عبيدة وأبو سلمة والأرقم بن أبي الأرقم وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب ، وأسماء بنت أبي بكر ، وعائشة بنت أبي بكر ، وهي صغيرة وقدامة بن مظعون وعبد الله بن مظعون وخباب بن الأرت وعمير بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود ومسعود بن القاري وسليط بن عمرو وعياش بن أبي ربيعة وامرأته أسماء بنت سلمة بن مخربة ، [ ص: 94 ] التميمية ، وخنيس بن حذافة وعامر بن ربيعة وعبد الله بن جحش وأبو أحمد بن جحش وجعفر بن أبي طالب وامرأته أسماء بنت عميس ، وحاطب بن الحارث وامرأته فاطمة بنت المجلل ، وأخوه حطاب بن الحارث وامرأته فكيهة بنت يسار ، ومعمر بن الحارث بن معمر الجمحي والسائب بن عثمان بن مظعون والمطلب بن أزهر بن عبد عوف وامرأته رملة بنت أبي عوف بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم ، والنحام واسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر وخالد بن سعيد وأمينة ابنة خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة من خزاعة ، وحاطب بن عمرو بن عبد شمس وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة التميمي [ ص: 95 ] حليف بني عدي ، وخالد بن البكير وعامر بن البكير وعاقل بن البكير وإياس بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث وكان اسم عاقل غافلا فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاقلا وهم حلفاء بني عدي بن كعب ، وعمار بن ياسر وصهيب بن سنان ثم دخل الناس أرسالا من الرجال والنساء ، حتى فشا أمر الإسلام بمكة وتحدث به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : ثم أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث سنين من البعثة بأن يصدع بما أمر ، وأن يصبر على أذى المشركين . قال : وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلوا ذهبوا في الشعاب ، واستخفوا بصلاتهم من قومهم ، فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر يصلون بشعاب مكة إذ ظهر عليهم بعض المشركين ، فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم ، فضرب سعد رجلا من المشركين بلحي جمل فشجه ، فكان أول دم أهريق في الإسلام . وروى الأموي في " مغازيه " من طريق الوقاصي عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه . فذكر القصة بطولها . وفيه أن المشجوج هو عبد الله بن خطل لعنه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية