الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل ( الأمور الحادثة سنة تسع ) .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان في هذه السنة - أعني في سنة تسع - من الأمور الحادثة غزوة تبوك في [ ص: 230 ] رجب منها كما تقدم بيانه . قال الواقدي : وفي رجب منها مات النجاشي صاحب الحبشة ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس . وفي شعبان منها - أي من هذه السنة - توفيت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغسلتها أسماء بنت عميس ، وصفية بنت عبد المطلب ، وقيل : غسلها نسوة من الأنصار فيهم أم عطية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا ثابت في " الصحيحين " ، وثبت في الحديث أيضا أنه ، عليه الصلاة والسلام ، لما صلى عليها وأراد دفنها قال : " لا يدخله أحد قارف الليلة أهله " . فامتنع زوجها عثمان لذلك ، ودفنها أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه ، ويحتمل أنه أراد بهذا الكلام من كان يتولى ذلك ممن يتبرع بالحفر والدفن من الصحابة كأبي عبيدة وأبي طلحة ومن شابههم فقال : " لا يدخل قبرها إلا من لم يقارف أهله من هؤلاء " . إذ يبعد أن عثمان كان عنده غير أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا بعيد والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها صالح ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح وصاحب دومة الجندل كما تقدم إيضاح ذلك كله في مواضعه . وفيها هدم مسجد الضرار الذي بناه جماعة المنافقين صورة مسجد ، وهو دار حرب في الباطن فأمر به ، عليه الصلاة والسلام ، [ ص: 231 ] فحرق . وفي رمضان منها قدم وفد ثقيف فصالحوا عن قومهم ورجعوا إليهم بالأمان ، وكسرت اللات كما تقدم ، وفيها توفي عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ، لعنه الله ، في أواخرها ، وقبله بأشهر توفي معاوية بن معاوية الليثي - أو المزني - وهو الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك إن صح الخبر في ذلك ، وفيها حج أبو بكر رضي الله عنه ، بالناس عن إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له في ذلك ، وفيها كان قدوم عامة وفود أحياء العرب ، ولذلك تسمى سنة تسع سنة الوفود ، وها نحن نعقد لذلك كتابا برأسه اقتداء بالبخاري وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية