الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفة قوامه عليه الصلاة والسلام ، وطيب رائحته

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في " صحيح البخاري " من حديث ربيعة ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة من القوم ؛ ليس بالطويل ولا بالقصير .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو إسحاق عن البراء : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها ، وأحسنهم خلقا ، ليس بالطويل ولا بالقصير . أخرجاه في " الصحيحين " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال نافع بن جبير عن علي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل ولا [ ص: 422 ] بالقصير ، لم أر قبله ولا بعده مثله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال سعيد بن منصور ، عن خالد بن عبد الله ، عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل ولا بالقصير ، وهو إلى الطول أقرب ، وكان عرقه كاللؤلؤ . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال سعيد ، عن نوح بن قيس ، عن خالد بن خالد التميمي ، عن يوسف بن مازن الراسبي ، عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالذاهب طولا ، وفوق الربعة ، إذا جاء مع القوم غمرهم ، وكان عرقه في وجهه كاللؤلؤ . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزبيدي ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة ، وهو إلى الطول أقرب ، وكان يقبل جميعا ، ويدبر جميعا ، لم أر قبله ولا بعده مثله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وثبت في " البخاري " من حديث حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس قال : ما مسست بيدي ديباجا ولا حريرا ولا شيئا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحة أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم . ورواه مسلم من [ ص: 423 ] حديث سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ورواه مسلم أيضا من حديث حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ، كأن عرقه اللؤلؤ ، إذا مشى تكفأ ، وما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شممت مسكا ولا عنبرا أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أحمد : ثنا ابن أبي عدي ، ثنا حميد ، عن أنس قال : ما مسست شيئا قط خزا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شممت رائحة أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا إسناد ثلاثي على شرط " الصحيحين " ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة من هذا الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال يعقوب بن سفيان : أنا عمرو بن حماد بن طلحة القناد - وأخرجه البيهقي من حديث أحمد بن حازم بن أبي غرزة عنه - قال : ثنا أسباط بن نصر ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى ، ثم خرج إلى أهله ، وخرجت معه فاستقبله ولدان ، فجعل يمسح خدي أحدهم واحدا واحدا . قال : وأما أنا فمسح خدي ، فوجدت ليده [ ص: 424 ] بردا وريحا ، كأنما أخرجها من جؤنة عطار . ورواه مسلم عن عمرو بن حماد به نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو زرعة الرازي ثنا سعيد بن محمد الجرمي ، ثنا أبو ثميلة ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه قال : كنت أصافح النبي صلى الله عليه وسلم أو يمس جلدي جلده ، فأتعرفه في يدي بعدما نالته أطيب رائحة من المسك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، وحجاج ، أخبرني شعبة ، عن الحكم سمعت أبا جحيفة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء ، فتوضأ وصلى الظهر ركعتين وبين يديه عنزة . زاد فيه عون عن أبيه : يمر من ورائها الحمار والمرأة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال حجاج في الحديث : ثم قام الناس فجعلوا يأخذون يده فيمسحون بها وجوههم . قال فأخذت يده فوضعتها على وجهي ، فإذا هي أبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك . وهكذا رواه البخاري ، عن الحسن بن منصور ، عن حجاج بن محمد الأعور ، عن شعبة ، فذكر مثله سواء . وأصل الحديث في [ ص: 425 ] " الصحيحين " أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أنا هشام بن حسان وشعبة وشريك ، عن يعلى بن عطاء ، عن جابر بن يزيد ، عن أبيه - يعني يزيد بن الأسود - قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر بمنى ، فانحرف فرأى رجلين من وراء الناس ، فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما ، فقال : " ما منعكما أن تصليا مع الناس ؟ " قالا : يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في الرحال . قال " فلا تفعلا إذا صلى أحدكم في رحله ، ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه ، فإنها له نافلة " قال : فقال أحدهما : استغفر لي يا رسول الله . فاستغفر له ، قال : ونهض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونهضت معهم ، وأنا يومئذ أشب الرجال وأجلده . قال : فما زلت أزحم الناس حتى وصلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده ، فوضعتها إما على وجهي أو صدري ، قال : فما وجدت شيئا أطيب ولا أبرد من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وهو يومئذ في مسجد الخيف .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم رواه أيضا ، عن أسود بن عامر وأبي النضر ، عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، سمعت جابر بن يزيد بن الأسود ، عن أبيه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 426 ] الصبح ، فذكر الحديث ، قال : ثم ثار الناس يأخذون بيده يمسحون بها وجوههم . قال : فأخذت بيده فمسحت بها وجهي ، فوجدتها أبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك . وقد رواه أبو داود من حديث شعبة ، والترمذي والنسائي من حديث هشيم ، عن يعلى به . وقال الترمذي : حسن صحيح .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، ثنا مسعر ، عن عبد الجبار بن وائل بن حجر قال : حدثني أهلي عن أبي قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء ، فشرب منه ، ثم مج في الدلو ، ثم صب في البئر ، أو شرب من الدلو ، ثم مج في البئر ، ففاح منها مثل ريح المسك . وهكذا رواه البيهقي من طريق يعقوب بن سفيان ، عن أبي نعيم ، وهو الفضل بن دكين به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : ثنا هاشم ، ثنا سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم أهل المدينة بآنيتهم فيها الماء ، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها ، فربما جاؤوه في الغداة الباردة ، فغمس يده فيها . ورواه مسلم من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا حجين بن المثنى ، ثنا عبد العزيز ، يعني ابن أبي [ ص: 427 ] سلمة الماجشون ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه . قال : فجاء ذات يوم فنام على فراشها ، فأتت فقيل لها : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيتك على فراشك . قال : فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش ، ففتحت عتيدتها ، فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها ، ففزع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما تصنعين يا أم سليم ؟ " فقالت : يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا . قال " أصبت " ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن حجين به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أحمد : ثنا هاشم بن القاسم ، ثنا سليمان ، عن ثابت ، عن أنس قال : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عندنا فعرق ، وجاءت أمي بقارورة ، فجعلت تسلت العرق فيها ، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين ؟ " قالت : هذا عرقك نجعله في طيبنا ، وهو من أطيب الطيب ورواه مسلم ، عن زهير بن حرب ، عن أبي النضر هاشم بن القاسم به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 428 ] وقال أحمد : ثنا إسحاق بن منصور ، يعني السلولي ، ثنا عمارة ، يعني ابن زاذان ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيل عند أم سليم ، وكان من أكثر الناس عرقا ، فاتخذت له نطعا ، وكان يقيل عليه ، وخطت بين رجليه خطا ، وكانت تنشف العرق فتأخذه ، فقال : " ما هذا يا أم سليم ؟ " قالت : عرقك يا رسول الله ، أجعله في طيبي . قال : فدعا لها بدعاء حسن تفرد به أحمد من هذا الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أحمد : ثنا محمد بن عبد الله ، ثنا حميد ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي بيت أم سليم فينام على فراشها ، وليست أم سليم في بيتها ، فتأتي فتجده نائما ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا نام ذف عرقا ، فتأخذ عرقه بقطنة في قارورة فتجعله في مسكها . وهذا إسناد ثلاثي على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ولا أحد منهما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال البيهقي : أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو عمرو المقرئ ، أنا الحسن بن سفيان ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة - وقال مسلم : ثنا [ ص: 429 ] أبو بكر بن أبي شيبة - ثنا عفان ، ثنا وهيب ، ثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، عن أم سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتيها ، فيقيل عندها فتبسط له نطعا ، فيقيل عليه ، وكان كثير العرق ، فكانت تجمع عرقه ، فتجعله في الطيب والقوارير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أم سليم ، ما هذا ؟ " فقالت : عرقك أدوف به طيبي . لفظ مسلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو يعلى الموصلي في مسنده : ثنا بشر ، ثنا حلبس بن غالب ، ثنا سفيان الثوري ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني زوجت ابنتي ، وأنا أحب أن تعينني بشيء . قال : " ما عندي شيء ، ولكن إذا كان غد فأتني بقارورة واسعة الرأس وعود شجرة ، وآية بيني وبينك أن تدق ناحية الباب " . قال : فأتاه بقارورة واسعة الرأس ، وعود شجرة . قال : فجعل يسلت العرق من ذراعيه حتى امتلأت القارورة . قال : " فخذها ، ومر ابنتك أن تغمس هذا العود في القارورة ، وتطيب به " . قال : فكانت إذا تطيبت به شم أهل المدينة رائحة ذلك الطيب فسموا بيوت المطيبين وهذا حديث غريب جدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 430 ] وقد قال الحافظ أبو بكر البزار : ثنا محمد بن هاشم ، ثنا موسى بن عبد الله ، ثنا عمر بن سعيد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة وجدوا منه رائحة الطيب ، وقالوا : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الطريق . وقد رواه أبو زرعة الرازي في " دلائل النبوة " من حديث عمر بن سعيد الأبح ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد من ذلك الطريق رائحة المسك ، فيقولون : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الطريق . ثم قال : وهذا الحديث رواه أيضا معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف بريح الطيب . قلت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبا ، وريحه طيب ، وكان مع ذلك يحب الطيب أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الإمام أحمد : ثنا أبو عبيدة ، عن سلام أبي المنذر ، عن ثابت ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : حبب إلي النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، ثنا سلام أبو المنذر القارئ ، عن ثابت ، عن [ ص: 431 ] أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما حبب إلي من الدنيا النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة وهكذا رواه النسائي بهذا اللفظ ، عن الحسين بن عيسى القومسي ، عن عفان بن مسلم ، عن سلام بن سليمان أبي المنذر القارئ البصري ، عن ثابت ، عن أنس فذكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد روي من وجه آخر بلفظ : حبب إلي من دنياكم ثلاث ؛ الطيب والنساء ، وجعل قرة عيني في الصلاة وليس بمحفوظ بهذا ، فإن الصلاة ليست من أمور الدنيا ، وإنما هي من أهم شئون الآخرة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية