الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر المتوفين في هذه السنة من الأعيان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أسيد بن الحضير بن سماك الأنصاري الأشهلي ، من الأوس ، أبو يحيى ، أحد النقباء ليلة العقبة ، وكان أبوه رئيس الأوس يوم بعاث ، وكان قبل الهجرة بست سنين ، وكان يقال له : حضير الكتائب . يقال : إنه أسلم على يدي مصعب بن عمير ولما هاجر الناس آخى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بينه وبين زيد بن حارثة ، ولم يشهد بدرا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي الحديث الذي صححه الترمذي ، عن أبي هريرة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : نعم الرجل أبو بكر ، نعم الرجل عمر ، نعم الرجل أسيد بن الحضير وذكر جماعة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 102 ] وقدم الشام مع عمر . وأثنت عليه عائشة ، وعلى سعد بن معاذ ، وعباد بن بشر ، رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وذكر ابن بكير أنه توفي بالمدينة سنة عشرين ، وأن عمر حمل بين عموديه ، وصلى عليه ، ودفنه بالبقيع . وكذا أرخ وفاته سنة عشرين الواقدي ، وأبو عبيد ، وجماعة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أنيس بن مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، هو وأبوه وجده صحابة ، وكان أنيس هذا عينا لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم حنين ، ويقال : إنه الذي قال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : واغد يا أنيس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها والصحيح أنه غيره ، فإن في الحديث : فقال لرجل من أسلم . فقيل : أنه أنيس بن الضحاك الأسلمي . وقد مال ابن الأثير إلى ترجيحه . والله أعلم . له حديث في الفتنة . قال إبراهيم بن المنذر : توفي في ربيع الأول سنة عشرين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بلال بن رباح الحبشي المؤذن ، مولى أبي بكر ، ويقال له : بلال ابن [ ص: 103 ] حمامة . وهي أمه . أسلم قديما فعذب في الله فصبر ، فاشتراه الصديق فأعتقه . شهد بدرا وما بعدها . وكان عمر يقول : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا . رواه البخاري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما شرع الأذان بالمدينة كان هو الذي يؤذن بين يدي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وابن أم مكتوم ، يتناوبان ، تارة هذا وتارة هذا . وكان بلال ندي الصوت ، حسنه ، فصيحا ، وما يروى : " إن سين بلال عند الله شين " . فليس له أصل . وقد أذن يوم الفتح على ظهر الكعبة . ولما توفي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ترك الأذان ، ويقال : أذن للصديق أيام خلافته . ولا يصح . ثم خرج إلى الشام مجاهدا ، ولما قدم عمر إلى الجابية أذن بين يديه بعد الخطبة لصلاة الظهر ، فانتحب الناس بالبكاء . ويقال : إنه زار المدينة في غبون ذلك فأذن ، فبكى الناس بكاء شديدا . ويحق لهم ذلك ، رضي الله عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وثبت في الصحيح أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال لبلال : إني دخلت الجنة فسمعت خشف نعليك أمامي ، فأخبرني بأرجى عمل عملته ، فقال : ما توضأت إلا وصليت ركعتين . فقال " بذاك " . وفي رواية : ما أحدثت إلا توضأت وما توضأت ، إلا رأيت أن علي أن أصلي ركعتين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 104 ] قالوا : وكان بلال آدم شديد الأدمة ، طويلا ، نحيفا ، أجنأ ، كثير الشعر ، خفيف العارضين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن بكير : توفي بدمشق في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة . وقال محمد بن إسحاق وغير واحد : توفي سنة عشرين . قال الواقدي : ودفن بباب الصغير ، وله بضع وستون سنة . وقال غيره : مات بداريا ، ودفن بباب كيسان . وقيل : دفن بداريا . وقيل إنه مات بحلب . والأول أصح . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سعيد بن عامر بن حذيم ، من أشراف بني جمح ، شهد خيبر ، وكان من الزهاد العباد ، وكان أميرا لعمر على حمص بعد أبي عبيدة . بلغ عمر أنه قد أصابته حاجة شديدة ، فأرسل إليه بألف دينار ، فتصدق بها جميعا ، وقال [ ص: 105 ] لزوجته : أعطيناها لمن يتجر لنا فيها ، رضي الله عنه . قال خليفة : فتح هو ومعاوية قيسارية ، كل منهما أمير على من معه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عياض بن غنم أبو سعد الفهري ، من المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وما بعدها ، وكان سمحا جوادا ، شجاعا ، وهو الذي افتتح الجزيرة وهو أول من جاز درب الروم غازيا ، واستنابه أبو عبيدة بعده على الشام فأقره عمر عليها إلى أن مات سنة عشرين عن ستين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، ابن عم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قيل : اسمه المغيرة . أسلم عام الفتح فحسن إسلامه جدا ، وكان قبل ذلك من أشد الناس على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى دينه ومن تبعه ، وكان شاعرا مطبقا ، يهجو الإسلام وأهله ، وهو الذي رد عليه حسان بن ثابت ، رضي الله عنه ، في قوله


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألا أبلغ أبا سفيان عني مغلغلة فقد برح الخفاء     هجوت محمدا وأجبت عنه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعند الله في ذاك الجزاء     أتهجوه ولست له بكفء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فشركما لخيركما الفداء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما جاء هو وعبد الله بن أبي أمية ليسلما ، لم يأذن لهما ، صلى الله عليه وسلم ، حتى شفعت أم سلمة لأخيها فأذن له ، وبلغه أن أبا سفيان هذا قال : والله لئن لم يأذن لي لآخذن بيد بني هذا - لولد معه صغير - فلأذهبن ، فلا يدرى أين [ ص: 106 ] أذهب . فرق حينئذ له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأذن له ، ولزم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم حنين ، وكان آخذا بلجام بغلته يومئذ . وقد روي أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أحبه ، وشهد له بالجنة ، وقال : أرجو أن تكون خلفا من حمزة . وقد رثى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حين توفي بقصيدة ذكرناها فيما سلف ، وهي التي يقول فيها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أرقت فبات ليلي لا يزول     وليل أخي المصيبة فيه طول
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأسعدني البكاء وذاك فيما     أصيب المسلمون به قليل
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فقد عظمت مصيبتنا وجلت     عشية قيل قد قبض الرسول
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فقدنا الوحي والتنزيل فينا     يروح به ويغدو جبرئيل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكروا أن أبا سفيان حج ، فلما حلق رأسه قطع الحالق ثؤلولا في رأسه ، فتمرض منه ، فلم يزل كذلك حتى مات بعد مرجعه إلى المدينة ، وصلى عليه عمر بن الخطاب وقد قيل : إن أخاه نوفلا توفي قبله بأربعة أشهر . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الهيثم بن التيهان ، هو مالك بن مالك بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن [ ص: 107 ] مالك بن الأوس ، الأنصاري الأوسي ، شهد العقبة نقيبا ، وشهد بدرا وما بعدها ، ومات سنة عشرين . وقيل : إحدى وعشرين . وقيل : إنه شهد صفين مع علي . قال ابن الأثير : وهو الأكثر . وقد ذكره شيخنا هنا . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      زينب بنت جحش بن رياب الأسدية

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من أسد خزيمة . أول أمهات المؤمنين وفاة ، أمها أميمة بنت عبد المطلب ، وكان اسمها برة ، فسماها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، زينب ، وتكنى أم الحكم ، وهي التي زوجه الله بها ، وكانت تفتخر بذلك على سائر أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فتقول : زوجكن أهلوكن ، وزوجني الله من السماء . قال الله تعالى : فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها الآية [ الأحزاب : 37 ] . وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة ، فلما طلقها تزوجها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قيل : كان ذلك في سنة ثلاث . وقيل : أربع . وهو الأشهر . وقيل : سنة خمس . وفي دخوله عليه السلام بها نزل الحجاب كما ثبت في " الصحيحين " عن أنس . وهي التي كانت تسامي عائشة بنت الصديق في الجمال والحظوة ، وكانت دينة ورعة عابدة كثيرة [ ص: 108 ] الصدقة . وذاك الذي أشار إليه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بقوله : أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا - أي بالصدقة - وكانت امرأة صناعا تعمل بيديها وتتصدق على الفقراء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قالت عائشة : ما رأيت امرأة قط خيرا في الدين ، وأتقى لله ، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم ، وأعظم أمانة وصدقة ، من زينب بنت جحش .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولم تحج بعد حجة الوداع لا هي ولا سودة ; لقوله عليه السلام لأزواجه : هذه ثم ظهور الحصر . وأما بقية أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فكن يخرجن إلى الحج ، وقالت زينب وسودة : والله لا تحركنا بعده دابة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قالوا : وبعث عمر إليها فرضها اثني عشر ألفا فتصدقت به في أقاربها ، ثم قالت : اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد هذا . فماتت في سنة عشرين ، وصلى عليها عمر ، وهي أول من صنع لها النعش ، ودفنت بالبقيع .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفية بنت عبد المطلب ، عمة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وهي أم الزبير بن العوام ، وهي شقيقة حمزة والمقوم وحجل ، أمهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة . لا خلاف في إسلامها ، وقد حضرت يوم أحد ووجدت على أخيها [ ص: 109 ] حمزة وجدا كثيرا ، وقتلت يوم الخندق رجلا من اليهود جاء فجعل يطيف بالحصن التي هي فيه ، وهو فارع ؛ حصن حسان ، فقالت لحسان : انزل فاقتله . فأبى ، فنزلت إليه فقتلته ، ثم قالت : انزل فاسلبه فلولا أنه رجل لاستلبته . فقال : لا حاجة لي فيه . وكانت أول امرأة قتلت رجلا من المشركين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد اختلف في إسلام من عداها من عمات النبي ، صلى الله عليه وسلم . فقيل : أسلمت أروى وعاتكة . قال ابن الأثير وشيخنا أبو عبد الله الذهبي الحافظ : والصحيح أنه لم يسلم منهن غيرها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد تزوجت أولا بالحارث بن حرب بن أمية ، ثم خلف عليها العوام بن خويلد ، فولدت له الزبير وعبد الكعبة . وقيل : تزوجها العوام بكرا . والصحيح الأول . توفيت بالمدينة سنة عشرين ، عن ثلاث وسبعين سنة . ودفنت بالبقيع ، رضي الله عنها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر ابن إسحاق من توفي غير هؤلاء :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عويم بن ساعدة الأنصاري ، شهد العقبتين والمشاهد كلها ، وهو أول من استنجى بالماء ، وفيه نزل قوله تعالى : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين . [ التوبة : 108 ] وله روايات . توفي هذه السنة بالمدينة . [ ص: 110 ] بشر بن عمرو بن حنش ، يلقب بالجارود ، أسلم في السنة العاشرة ، وكان شريفا مطاعا في عبد القيس ، وهو الذي شهد على قدامة بن مظعون أنه شرب الخمر ، فعزله عمر عن اليمن وحده . قتل الجارود شهيدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو خراش خويلد بن مرة الهذلي ، كان شاعرا مجيدا مخضرما ، أدرك الجاهلية والإسلام ، وكان إذا جرى سبق الخيل . نهشته حية فمات بالمدينة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية