الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأول : فيما ورد في فضائله مع غيره

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فمن ذلك : الحديث الذي رواه البخاري في " صحيحه " : حدثنا مسدد ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن سعيد ، عن قتادة أن أنسا حدثهم قال : صعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف ، فقال : " اسكن أحد - أظنه ضربه برجله - فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان " تفرد به دون مسلم . وقال الترمذي : ثنا قتيبة ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان على حراء هو وأبو بكر [ ص: 353 ] وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير ، فتحركت الصخرة فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد . ثم قال : وفي الباب : عن عثمان ، وسعيد بن زيد ، وابن عباس ، وسهيل بن سعد ، وأنس بن مالك ، وبريدة الأسلمي ، وهذا حديث صحيح . قلت : ورواه أبو داود ، ورواه الترمذي ، عن عثمان في خطبته يوم الدار ، وقال على ثبير

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : وهو ما ثبت في " الصحيحين " من حديث أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في حائط ، فأمرني بحفظ الباب ، فجاء رجل يستأذن ، فقلت : من هذا ؟ قال : أبو بكر . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عمر فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عثمان فقال : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " . فدخل وهو يقول : اللهم صبرا . وفي رواية : الله المستعان . رواه عنه قتادة ، وأيوب السختياني . وقال البخاري : وقال حماد بن زيد : حدثنا [ ص: 354 ] عاصم الأحول وعلي بن الحكم ، سمعا أبا عثمان يحدث عن أبي موسى الأشعري بنحوه ، وزاد عاصم : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه ، أو ركبته ، فلما دخل عثمان غطاها . وهو في " الصحيحين " أيضا ، من حديث سعيد بن المسيب عن أبي موسى وفيه : أن أبا بكر وعمر دليا أرجلهما مع رسول الله في باب القف وهو في البئر ، وجاء عثمان فلم يجد له موضعا فجلس ناحية . قال سعيد بن المسيب فأولت ذلك قبورهم ; اجتمعت وانفرد عثمان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة قال : قال نافع بن الحارث : خرجت مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى دخل حائطا فقال لي : " أمسك علي الباب " . فجاء حتى جلس على القف ودلى رجليه ، فضرب الباب فقلت : من هذا ؟ فقال : أبو بكر . قلت : يا رسول الله هذا أبو بكر . قال : " ائذن له وبشره بالجنة " . فدخل فجلس مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على القف ودلى رجليه في البئر ، ثم ضرب الباب ، فقلت : من هذا ؟ قال : عمر . قلت : يا رسول الله هذا عمر . قال : " ائذن لي وبشره بالجنة " . ففعلت فجاء فجلس مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، على القف ودلى رجليه في [ ص: 355 ] البئر ، ثم ضرب الباب فقلت : من هذا ؟ قال : عثمان . قلت : يا رسول الله هذا عثمان . قال : " ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء " . فأذنت له وبشرته بالجنة ، فجلس مع رسول الله صلى الله ، صلى الله عليه وسلم ، ودلى رجليه في البئر . هكذا وقع في هذه الرواية . وقد أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي سلمة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيحتمل أن أبا موسى ونافع بن عبد الحارث كانا موكلين بالباب ، أو أنها قصة أخرى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد رواه الإمام أحمد ، عن عفان ، عن وهيب ، عن موسى بن عقبة سمعت أبا سلمة يحدث ، ولا أعلمه إلا عن نافع بن عبد الحارث : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، دخل حائطا فجلس على قف البئر ، فجاء أبو بكر فاستأذن فقال لأبي موسى : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عمر فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عثمان فقال : " ائذن له وبشره بالجنة وسيلقى بلاء " وهذا السياق أشبه من الأول ، على أنه قد رواه النسائي ، من حديث صالح بن كيسان ، عن أبي الزناد ، عن أبي سلمة ، عن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث ، عن أبي موسى الأشعري ، فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أنا همام ، عن قتادة ، عن ابن سيرين [ ص: 356 ] ومحمد بن عبيد ، عن عبد الله بن عمرو قال : كنت مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فجاء أبو بكر فاستأذن ، فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عمر فاستأذن ، فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عثمان فاستأذن فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " . قال : قلت : فأين أنا ؟ قال : " أنت مع أبيك " . تفرد به أحمد . وقد رواه البزار ، وأبو يعلى من حديث أنس بن مالك ، بنحو ما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، ثنا ليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وعثمان حدثاه ، أن أبا بكر استأذن على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة ، فأذن لأبي بكر وهو كذلك ، فقضى إليه حاجته ، ثم انصرف ، فاستأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحالة ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، قال عثمان : ثم استأذنت عليه ، فجلس وقال : " اجمعي عليك ثيابك " . فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت . فقالت عائشة : يا رسول الله مالي لا أراك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان ؟ فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة لا يبلغ إلي حاجته . قال الليث : وقال جماعة الناس : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال لعائشة : ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ! . ورواه مسلم من [ ص: 357 ] حديث الليث بن سعد به ، ومن حديث صالح بن كيسان ، عن الزهري به . ورواه مسلم ، من حديث محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء وسليمان ابني يسار ، وأبي سلمة ، عن عائشة . ورواه أبو يعلى الموصلي ، من حديث سهيل ، عن أبيه ، عن عائشة . ورواه جبير بن نفير ، وعائشة بنت طلحة عنها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا مروان ، ثنا عبد الله بن يسار سمعت عائشة بنت طلحة تذكر عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان جالسا كاشفا عن فخذه ، فاستأذن أبو بكر ، فأذن له وهو على حاله ، ثم جاء عمر فاستأذن ، فأذن له وهو على حاله ، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه ، فلما قاموا قلت : يا رسول الله ، استأذن عليك أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك ، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك ! فقال : يا عائشة ألا أستحي من رجل ، والله إن الملائكة تستحي منه ! . [ ص: 358 ] تفرد به أحمد من هذا الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      طريق أخرى عن حفصة : رواه الحسن بن عرفة ، وأحمد بن حنبل عن روح بن عبادة ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو خالد عثمان بن خالد ، عن عبد الله بن أبي سعيد المدني ، حدثتني حفصة ، فذكر مثل حديث عائشة ، وفيه : فقال " ألا استحي ممن تستحي منه الملائكة ! .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      طريق أخرى عن ابن عباس : قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا أبو كريب ، ثنا يونس بن بكير ، ثنا النضر - هو ابن عبد الرحمن أبو عمر الخزاز الكوفي - عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ; عثمان بن عفان . ثم قال البزار : لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد . قلت : هو على شرط الترمذي ، ولم يخرجوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      طريق أخرى عن ابن عمر : قال الطبراني : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، ثنا أبو معشر ، حدثني إبراهيم [ ص: 359 ] بن عمر بن أبان ، حدثني أبي - عمر بن أبان - عن أبيه قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : بينما رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، جالس وعائشة وراءه إذ استأذن أبو بكر فدخل ، ثم استأذن عمر فدخل ، ثم استأذن سعد بن مالك فدخل ، ثم استأذن عثمان بن عفان ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يتحدث كاشفا عن ركبته فمد ثوبه على ركبته حين استأذن عثمان ، وقال لامرأته : استأخري . فتحدثوا ساعة ثم خرجوا ، فقالت عائشة : يا نبي الله دخل أبي وأصحابه ، فلم تصلح ثوبك على ركبتك ولم تؤخرني عنك . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ! والذي نفس رسول الله بيده إن الملائكة لتستحيي من عثمان ، كما تستحي من الله ورسوله ، ولو دخل وأنت قريب مني لم يتحدث ولم يرفع رأسه حتى يخرج " . هذا حديث غريب من هذا الوجه وفيه زيادة على ما قبله ، وفي إسناده ضعف . قلت : وفي الباب عن علي ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وزيد بن ثابت .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 360 ] وروى أبو مروان القرشي ، عن أبيه ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : عثمان حيي تستحي منه الملائكة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر ، وأشدها حياء عثمان ، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأقرؤها لكتاب الله أبي ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح . وهكذا رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث خالد الحذاء ، وقال الترمذي : حسن صحيح . وفي " صحيح البخاري " ، و " مسلم " آخره " ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد روى هشيم عن كوثر بن حكيم ، عن نافع ، عن ابن عمر مثل حديث أبي قلابة ، عن أنس ، أو نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 361 ] حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، ثنا محمد بن حرب ، حدثني الزبيدي ، عن ابن شهاب ، عن عمرو بن أبان بن عثمان ، عن جابر بن عبد الله أنه كان يحدث أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر . قال جابر : فلما قمنا من عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قلنا : أما الرجل الصالح فرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأما ما ذكر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من نوط بعضهم لبعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ، صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ورواه أبو داود ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن حرب ، ثم قال : ورواه يونس وشعيب ، فلم يذكرا عمر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو داود - عمر بن سعد - ثنا بدر بن عثمان ، عن عبيد الله بن مروان ، عن أبي عائشة ، عن ابن [ ص: 362 ] عمر قال : خرج علينا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال : رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين ، فأما المقاليد فهذه المفاتيح ، وأما الموازين فهي التي تزنون بها ، فوضعت في كفة ، ووضعت أمتي في كفة ، فوزنت بهم فرجحت ، ثم جيء بأبي بكر فوزن بهم فوزن ، ثم جيء بعمر فوزن فوزن ، ثم جيء بعثمان فوزن بهم ، ثم رفعت تفرد به أحمد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا هشام بن عمار ، ثنا عمرو بن واقد ، ثنا يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إني رأيت أني وضعت في كفة وأمتي في كفة فعدلتها ، ثم وضع أبو بكر في كفة وأمتي في كفة فعدلها ، ثم وضع عمر في كفة وأمتي في كفة فعدلها ، ثم وضع عثمان في كفة وأمتي في كفة فعدلها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : قال أبو يعلى : حدثنا عبد الله بن مطيع ، ثنا هشيم ، عن العوام ، عمن حدثه ، عن عائشة قالت : لما أسس رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مسجد المدينة جاء بحجر فوضعه ، وجاء أبو بكر بحجر فوضعه ، وجاء عمر بحجر فوضعه ، وجاء عثمان بحجر فوضعه ، قالت : فسئل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك ، فقال : هذا أمر الخلافة من بعدي وقد تقدم هذا الحديث في بناء مسجده أول [ ص: 363 ] مقدمه المدينة عليه الصلاة والسلام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك تقدم في دلائل النبوة من حديث الزهري ، عن رجل ، عن أبي ذر في تسبيح الحصا في يده عليه الصلاة والسلام ، ثم في كف أبي بكر ، ثم في كف عمر ، ثم في كف عثمان ، رضي الله عنهم . وفي بعض الروايات : فقال : رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : هذه خلافة النبوة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وسيأتي حديث سفينة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا فكانت ولاية عثمان ، ومدتها ثنتي عشرة سنة ، من جملة هذه الثلاثين بلا خلاف بين العلماء العاملين ، كما أخبر به سيد المرسلين ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : وهو ما روي من طرق متعددة عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أنه شهد للعشرة بالجنة ،وعثمان منهم بنص النبي ، صلى الله عليه وسلم ، على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث آخر : قال البخاري : حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ، ثنا شاذان ، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا في زمن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا نعدل بأبي بكر أحدا ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا نفاضل بينهم . تابعه عبد الله بن صالح ، عن [ ص: 364 ] عبد العزيز . تفرد به البخاري . ورواه إسماعيل بن عياش ، والفرج بن فضالة ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن نافع ، عن ابن عمر . ورواه أبو يعلى ، عن أبي معمر ، عن يزيد بن هارون ، عن الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن عمر به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      طريق أخرى عن ابن عمر ، رضي الله عنهما : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، ثنا سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : كنا نعد ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حي وأصحابه متوافرون ; أبو بكر وعمر وعثمان ، ثم نسكت .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      طريق أخرى عن ابن عمر بلفظ آخر : قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عمرو بن علي وعقبة بن مكرم قالا : ثنا أبو عاصم ، عن عمر بن محمد ، عن سالم ، عن أبيه قال : كنا نقول في عهد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : أبو بكر وعمر وعثمان ، [ ص: 365 ] يعني في الخلافة . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، لكن قال البزار : وهذا الحديث قد روي عن ابن عمر من وجوه ، وعمر بن محمد لم يكن بالحافظ ، وذلك في حديثه متبين إذا روى عن غير سالم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد رواه غير واحد من الضعفاء ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه به ، وقد اعتنى الحافظ - ابن عساكر بجمع طرقه عن ابن عمر فأفاد وأجاد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فأما الحديث الذي رواه الطبراني : حدثنا سعيد بن عبدويه الصفار البغدادي ، حدثنا علي بن جميل الرقي ، أنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : في الجنة شجرة أو ما في [ ص: 366 ] الجنة شجرة - شك علي بن جميل - ما عليها ورقة إلا مكتوب عليها : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين . فإنه حديث ضعيف ، في إسناده من تكلم فيه ، ولا يخلو من نكارة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية