الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 472 ] بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو زرعة الدمشقي : حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عمن حدثه قال : أنزلت التوراة على موسى في ست ليال خلون من شهر رمضان ، ونزل الزبور على داود في اثنتي عشر ليلة خلت من شهر رمضان ، وذلك بعد التوراة بأربعمائة سنة واثنتين وثمانين سنة ، وأنزل الإنجيل على عيسى ابن مريم في ثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، بعد الزبور بألف عام وخمسين عاما ، وأنزل الفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم ، في أربع وعشرين من شهر رمضان . وقد ذكرنا في " التفسير " عند قوله : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الأحاديث الواردة في ذلك ، وفيها أن الإنجيل أنزل على عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، في ثماني عشرة ليلة خلت من شهر رمضان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وذكر ابن جرير في " تاريخه " أنه أنزل عليه وهو ابن ثلاثين سنة ، ومكث حتى رفع إلى السماء ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة . كما سيأتي بيانه ، إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال إسحاق بن بشر : وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، ومقاتل ، [ ص: 473 ] عن قتادة ، عن عبد الرحمن بن آدم ، عن أبي هريرة قال : أوحى الله عز وجل إلى عيسى ابن مريم : يا عيسى جد في أمري ولا تهن ، واسمع وأطع يا ابن الطاهرة البكر البتول ، إنك من غير فحل وأنا خلقتك آية للعالمين ، إياي فاعبد وعلي فتوكل ، خذ الكتاب بقوة ، فسر لأهل السريانية ، بلغ من بين يديك أني أنا الحي القائم الذي لا أزول ، صدقوا النبي الأمي العربي ، صاحب الجمل والتاج - وهي العمامة - والمدرعة والنعلين والهراوة - وهي القضيب - الأنجل العينين ، الصلت الجبين ، الواضح الخدين ، الجعد الرأس ، الكث اللحية ، المقرون الحاجبين ، الأقنى الأنف ، المفلج الثنايا ، البادي العنفقة ، الذي كأن عنقه إبريق فضة ، وكأن الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من لبته إلى سرته تجري كالقضيب ، ليس على بطنه ولا على صدره شعر غيره ، شثن الكف والقدم ، إذا التفت التفت جميعا ، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر وينحدر من صبب ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ ، وريح المسك ينفح منه ، لم ير قبله ولا بعده مثله ، الحسن القامة ، الطيب الريح ، نكاح النساء ، ذا النسل القليل ، إنما نسله من مباركة لها بيت - يعني في الجنة - من قصب ، لا نصب فيه ولا صخب ، تكفله - يا عيسى - في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك ، له منها فرخان مستشهدان ، وله عندي منزلة ليست لأحد من البشر ، كلامه القرآن ، ودينه الإسلام ، وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيامه ، وسمع كلامه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية