الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              21015 حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن صامت قال قال أبو ذر خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام أنا وأخي أنيس وأمنا فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال وذي هيئة فأكرمنا خالنا فأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا إنك إذا خرجت عن أهلك خلفك إليهم أنيس فجاءنا خالنا فنثا عليه ما قيل له فقلت أما ما مضى من معروفك فقد كدرته ولا جماع لنا فيما بعد قال فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها وتغطى خالنا ثوبه وجعل يبكي قال فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة قال فنافر أنيس رجلا عن صرمتنا وعن مثلها فأتيا الكاهن فخير أنيسا فأتانا بصرمتنا ومثلها وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين قال فقلت لمن قال لله قال قلت فأين توجه قال حيث وجهني الله عز وجل قال وأصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء قال أبي قال أبو النضر قال سليمان كأني خفاء حتى تعلوني الشمس قال فقال أنيس إن لي حاجة بمكة فاكفني حتى آتيك قال فانطلق فراث علي ثم أتاني فقلت ما حبسك قال لقيت رجلا يزعم أن الله عز وجل أرسله على دينك قال فقلت ما يقول الناس له قال يقولون إنه شاعر وساحر وكاهن قال وكان أنيس شاعرا قال فقال قد سمعت قول الكهان فما يقول بقولهم وقد وضعت قوله على أقراء الشعر فوالله ما يلتام لسان أحد أنه شعر والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون قال فقلت له هل أنت كافي حتى أنطلق فأنظر قال نعم فكن من أهل مكة على حذر فإنهم قد شنفوا له وتجهموا له وقال عفان شيفوا له وقال بهز سبقوا له وقال أبو النضر شفوا له قال فانطلقت حتى قدمت مكة فتضعفت رجلا منهم فقلت أين هذا الرجل الذي تدعونه الصابئ قال فأشار إلي قال الصابئ قال فمال أهل الوادي علي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا [ ص: 175 ] علي فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر فأتيت زمزم فشربت من مائها وغسلت عني الدم فدخلت بين الكعبة وأستارها فلبثت به ابن أخي ثلاثين من بين يوم وليلة وما لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال فبينا أهل مكة في ليلة قمراء أضحيان وقال عفان أصخيان وقال بهز أصخيان وكذلك قال أبو النضر فضرب الله على أصمخة أهل مكة فما يطوف بالبيت غير امرأتين فأتتا علي وهما تدعوان إساف ونائل قال فقلت أنكحوا أحدهما الآخر فما ثناهما ذلك قال فأتتا علي فقلت وهن مثل الخشبة غير أني لم أكن قال فانطلقتا تولولان وتقولان لو كان هاهنا أحد من أنفارنا قال فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هابطان من الجبل فقال ما لكما فقالتا الصابئ بين الكعبة وأستارها قالا ما قال لكما قالتا قال لنا كلمة تملأ الفم قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه حتى استلم الحجر فطاف بالبيت ثم صلى قال فأتيته فكنت أول من حياه بتحية أهل الإسلام فقال عليك ورحمة الله ممن أنت قال قلت من غفار قال فأهوى بيده فوضعها على جبهته قال فقلت في نفسي كره أني انتميت إلى غفار قال فأردت أن آخذ بيده فقذعني صاحبه وكان أعلم به مني قال متى كنت هاهنا قال كنت هاهنا منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم قال فمن كان يطعمك قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم قال فسمنت حتى تكسر عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها مباركة وإنها طعام طعم قال أبو بكر ائذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة قال ففعل قال فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم وانطلق أبو بكر وانطلقت معهما حتى فتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف قال فكان ذلك أول طعام أكلته بها فلبثت ما لبثت ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد وجهت إلي أرض ذات نخل ولا أحسبها إلا يثرب فهل أنت مبلغ عني قومك لعل الله عز وجل أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم قال فانطلقت حتى أتيت أنيسا قال فقال لي ما صنعت قال قلت إني صنعت أني أسلمت وصدقت قال قال فما لي رغبة عن دينك إني قد أسلمت وصدقت ثم أتينا أمنا فقالت فما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت فتحملنا حتى أتينا قومنا غفارا فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقال يعني يزيد ببغداد وقال بعضهم إذا قدم فقال بهز إخواننا نسلم وكذا قال أبو النضر وكان يؤمهم خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري وكان سيدهم يومئذ وقال بقيتهم إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمنا فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم بقيتهم قال وجاءت أسلم فقالوا يا رسول الله إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه فأسلموا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله وقال بهز وكان يؤمهم إيماء بن رحضة فقال أبو النضر إيماء حدثنا عبد الله حدثنا هدبة حدثنا سليمان بن المغيرة فذكر نحوه بإسناده

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية