الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

الجملة معطوفة على جملة كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ، أي نفصل الآيات التي منها آية حالة الدنيا وتقضيها ، وندعو إلى دار السلام دار الخلد . ولما كانت جملة [ ص: 145 ] كذلك نفصل الآيات تذييلا وكان شأن التذييل أن يكون كاملا جامعا مستقلا جعلت الجملة المعطوفة عليها مثلها في الاستقلال فعدل فيها عن الإضمار إلى الإظهار إذ وضع قوله : والله يدعو موضع ندعو لأن الإضمار في الجملة يجعلها محتاجة إلى الجملة التي فيها المعاد .

وحذف مفعول " يدعو " لقصد التعميم ، أي يدعو كل أحد . والدعوة هي : الطلب والتحريض . وهي هنا أوامر التكليف ونواهيه .

ودار السلام : الجنة ، قال - تعالى : لهم دار السلام عند ربهم ، وقد تقدم وجه تسميتها بذلك في سورة الأنعام .

والهداية : الدلالة على المقصود النافع ، والمراد بها هنا خلق الاهتداء إلى المقصود بقرينة قوله : من يشاء بعد قوله : والله يدعو المفيد التعميم فإن الدعوة إلى الجنة دلالة عليها فهي هداية بالمعنى الأصلي فتعين أن " يهدي " هنا معناه إيجاد الهداية بمعنى آخر ، وهي حصول الاهتداء بالفعل ، أي خلق حصوله بأمر التكوين ، كقوله : فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة وهذا التكوين يقع إما في كل جزئية من جزئيات الاهتداء على طريقة الأشاعرة ، وإما بخلق الاستعداد له بحيث يقدر على الاهتداء عند حصول الأدلة على طريقة المعتزلة وهما متقاربان في الحال ، وشئون الغيب خفية . وقد تقدم شيء من ذلك عند قوله - تعالى : اهدنا الصراط المستقيم

والصراط المستقيم : الطريق الموصل .

التالي السابق


الخدمات العلمية