الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون

بعد أن أمعن في إبطال أن يكون إله غير الله بما سيق من التفصيلات ، جاء هنا بكلمة جامعة لإبطال زعمهم إلهية غير الله بقوله ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله [ ص: 271 ] أي سألتهم سؤال تقرير عمن خلقهم فإنهم يقرون بأن الله خلقهم ، وهذا معلوم من حال المشركين كقولضمام بن ثعلبة للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أسألك بربك ورب من قبلك الله أرسلك ( ، ولأجل ذلك أكد إنهم يقرون لله بأنه الخالق فقال ليقولن الله ، وذلك كاف في سفاهة رأيهم إذ كيف يكون إلها من لم يخلق ، قال تعالى أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون .

والخطاب في قوله سألتهم للنبيء - صلى الله عليه وسلم - . ويجوز أن يكون لغير معين ، أي إن سألهم من يتأتى منه أن يسأل .

وفرع على هذا التقرير والإقرار الإنكار والتعجيب من انصرافهم من عبادة الله إلى عبادة آلهة أخرى بقوله فأنى يؤفكون .

و " أنى " اسم استفهام عن المكان فمحله نصب على الظرفية ، أي إلى أي مكان يصرفون .

و " يؤفكون " يصرفون : يقال : أفكه عن كذا ، يأفكه من باب ضرب ، إذا صرفه عنه ، وبني للمجهول إذ لم يصرفهم صارف ؛ ولكن صرفوا أنفسهم عن عبادة خالقهم ، فقوله فأنى يؤفكون هو كقول العرب : أين يذهب بك ، أي أين تذهب بنفسك إذ لا يريدون أن ذاهبا ذهب به يسألونه عنه ولكن المراد : أنه لم يذهب به أحد وإنما ذهب بنفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية