الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس .

الضمير المفرد عائد إلى الميت المفهوم من قوله يوصيكم الله في أولادكم إذ قد تقرر أن الكلام في قسمة مال الميت . وجاء الكلام على طريقة الإجمال والتفصيل [ ص: 260 ] ليكون كالعنوان ، فلذلك لم يقل : ولكل من أبويه السدس ، وهو كقوله السابق في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .

وقوله وورثه أبواه زاده للدلالة على الاقتصار أي : لا غيرهما ، ليعلم من قوله فلأمه الثلث أن للأب الثلثين ، فإن كان مع الأم صاحب فرض لا تحجبه كان على فرضه معها وهي على فرضها . واختلفوا في زوجة وأبوين وزوج وأبوين : فقال ابن عباس : للزوج أو الزوجة فرضهما وللأم ثلثها وما بقي للأب ، حملا على قاعدة تعدد أهل الفروض ، وقال زيد بن ثابت : لأحد الزوجين فرضه وللأم ثلث ما بقي وما بقي للأب ، لئلا تأخذ الأم أكثر من الأب في صورة زوج وأبوين ، وعلى قول زيد ذهب جمهور العلماء . وفي سنن ابن أبي شيبة : أن ابن عباس أرسل إلى زيد أين تجد في كتاب الله ثلث ما بقي فأجاب زيد إنما أنت رجل تقول برأيك وأنا أقول برأيي .

وقد علم أن للأب مع الأم الثلثين ، وترك ذكره لأن مبنى الفرائض على أن ما بقي بدون فرض يرجع إلى أصل العصابة عند العرب .

وقرأ الجمهور : فلأمه بضم همزة أمه ، وقرأ حمزة ، والكسائي بكسر الهمزة اتباعا لكسرة اللام .

وقوله فإن كان له إخوة فلأمه السدس أي إن كان إخوة مع الأبوين وهو صريح في أن الإخوة يحجبون الأم فينقلونها من الثلث إلى السدس . والمذكور في الآية صيغة جمع فهي ظاهرة في أنها لا ينقلها إلى السدس إلا جماعة من الإخوة ثلاثة فصاعدا ذكورا أو مختلطين . وقد اختلف فيما دون الجمع ، وما إذا كان الإخوة إناثا : فقال الجمهور الأخوان يحجبان الأم ، والأختان أيضا ، وخالفهم ابن عباس أخذا بظاهر الآية . أما الأخ الواحد أو الأخت فلا يحجب الأم والله أعلم بحكمه ذلك . واختلفوا في السدس الذي يحجب الإخوة عنه الأم : هل يأخذه الإخوة أم يأخذه الأب ، فقال بالأول ابن عباس - رضي الله عنه - وهو أظهر ، وقال بالثاني الجمهور بناء على أن الحاجب قد يكون محجوبا . وكيفما كان فقد اعتبر الله للإخوة حظا [ ص: 261 ] مع وجود الأبوين في حالة خاصة ، ولو كان الإخوة مع الأم ولم يكن أب لكان للأم السدس وللإخوة بقية المال باتفاق ، وربما كان في هذا تعضيد لابن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية