الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما .

[ ص: 262 ] ختم هذه الفرائض المتعلقة بالأولاد والوالدين ، وهي أصول الفرائض بقوله آباؤكم وأبناؤكم الآية ، فهما إما مسند إليهما قدما للاهتمام ، وليتمكن الخبر في ذهن السامع إذ يلقي سمعه عند ذكر المسند إليهما بشراشره ، وإما أن تجعلهما خبرين عن مبتدأ محذوف هو المسند إليه ، على طريقة الحذف المعبر عنه عند علماء المعاني بمتابعة الاستعمال ، وذلك عندما يتقدم حديث عن شيء ثم يراد جمع الخبر عنه كقول الشاعر :


فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت

بعد قوله :


سأشكر عمرا إن تدانت منيتي     أيادي لم تمنن وإن هي جلت

أي : المذكورون آباؤكم وأبناؤكم لا شك في ذلك . ثم قال لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فهو إما مبتدأ وإما حال ، بمعنى أنهم غير مستوين في نفعكم متفاوتون تفاوتا يتبع تفاوت الشفقة الجبلية في الناس ويتبع البرور ومقدار تفاوت الحاجات . فرب رجل لم تعرض له حاجة إلى أن ينفعه أبواه وأبناؤه ، وربما عرضت حاجات كثيرة في الحالين ، وربما لم تعرض ، فهم متفاوتون من هذا الاعتبار الذي كان يعتمده أهل الجاهلية في قسمة أموالهم ، فاعتمدوا أحوالا غير منضبطة ولا موثوقا بها ، ولذلك قال تعالى لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فشرع الإسلام ناط الفرائض بما لا يقبل التفاوت وهي الأبوة والبنوة ، ففرض الفريضة لهم نظرا لصلتهم الموجبة كونهم أحق بمال الأبناء أو الآباء .

والتذييل بقوله إن الله كان عليما حكيما واضح المناسبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية