(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر ) ، سبب نزولها
سؤال عمر ومعاذ ، قالا : يا رسول الله ، أفتنا في الخمر والميسر ؛ فإنه مذهبة للعقل ، مسلبة للمال ؛ فنزلت . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنهم لما سألوا عن ماذا ينفقون ؟ فبين لهم مصرف ذلك في الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ، ثم ذكر تعالى فرض القتال والجهاد في سبيل الله ، ناسب ذكر سؤالهم عن الخمر والميسر ؛ إذ هما أيضا من مصارف المال ، ومع مداومتهما قل أن يبقى مال فتتصدق به ، أو تجاهد به ؛ فلذلك وقع السؤال عنهما . وقال بعض من ألف في الناسخ والمنسوخ : أكثر العلماء على أنها ناسخة لما كان مباحا من شرب الخمر ، وسورة الأنعام مكية ؛ فلا يعتبر بما فيها من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد ) ، وقال
ابن جبير : لما نزل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) كره الخمر قوم للإثم ، وشربها قوم للمنافع ، حتى نزل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) ؛ فاجتنبوها في أوقات الصلاة ، حتى نزل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90فاجتنبوه ) فحرمت . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : فهذا يدل على أن هذه منسوخة بآية المائدة ، ولا شك في أن نزول المائدة بعد البقرة ، وقال
قتادة : ذم الله الخمر بهذه الآية ولم يحرمها ، وقال بعض الناس : لا يقال إن هذه الآية ناسخة لما كان مباحا من شرب الخمر ، لأنه يلزم منه أن الله أنزل إباحتها ، ثم نسخ ، ولم يكن ذلك ؛ وإنما كان مسكوتا عن شربها ، فكانوا جارين في شربها على عادتهم ، ثم نزل التحريم ، كما سكت عنهم في غيرها من المحرمات إلى وقت التحريم . وجاء : ( ويسألونك ) بواو الجمع ، وإن كان من سأل اثنين وهما :
عمر ومعاذ ، على ما روي في سبب النزول ؛ لأن العرب تنسب الفعل الصادر من الواحد إلى الجماعة في كلامها ، وقد تبين ذلك . والسؤال هنا ليس عن الذات ، وإنما هو عن حكم هذين ، من حل وحرمة وانتفاع ، ولذلك جاء الجواب مناسبا لذلك ، لا جوابا عن ذات . وتقدم
nindex.php?page=treesubj&link=17187تفسير الخمر في اللغة ، وأما في الشريعة فقال الجمهور : كل ما خامر العقل وأفسده مما يشرب يسمى خمرا ، وقال
الرازي عن
أبي حنيفة : الخمر اسم ما يتخذ من العنب خاصة ، ونقل عنه
السمرقندي : أن الخمر عنده هو اسم ما اتخذ من العنب والزبيب والتمر ، وقال :
[ ص: 157 ] إن المتخذ من الذرة والحنطة ليس من الأشربة ، وإنما هو من الأغذية المشوشة للعقل ، كالبنج والسيكران ، وقيل : الصحيح عن
أبي حنيفة أن القطرة من هذه الأشربة من الخمر . وتقدم تفسير الميسر ، وهو قمار أهل الجاهلية ، وأما في الشريعة فاسم الميسر يطلق على سائر ضروب القمار ، والإجماع منعقد على تحريمه . قال
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
ومجاهد ،
ومعاوية بن صالح : كل شيء فيه قمار من نرد وشطرنج وغيره ؛ فهو ميسر ، حتى لعب الصبيان بالكعاب والجوز ، إلا ما أبيح من الرهان في الخيل ، والقرعة في إبراز الحقوق . وقال
مالك : الميسر ميسران : ميسر اللهو ، فمنه النرد والشطرنج والملاهي كلها ، وميسر القمار : وهو ما يتخاطر الناس عليه ، وقال على الشطرنج : ميسر العجم . وقال
القاسم : كل شيء ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) ، سَبَبُ نُزُولِهَا
سُؤَالُ عُمَرَ وَمُعَاذٍ ، قَالَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفْتِنَا فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ؛ فَإِنَّهُ مَذْهَبَةٌ لِلْعَقْلِ ، مَسْلَبَةٌ لِلْمَالِ ؛ فَنَزَلَتْ . وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُمْ لَمَّا سَأَلُوا عَنْ مَاذَا يُنْفِقُونَ ؟ فَبَيَّنَ لَهُمْ مَصْرِفَ ذَلِكَ فِي الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى فَرْضَ الْقِتَالِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، نَاسَبَ ذِكْرَ سُؤَالِهِمْ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ؛ إِذْ هُمَا أَيْضًا مِنْ مَصَارِفِ الْمَالِ ، وَمَعَ مُدَاوَمَتِهِمَا قَلَّ أَنْ يَبْقَى مَالٌ فَتَتَصَدَّقَ بِهِ ، أَوْ تُجَاهِدَ بِهِ ؛ فَلِذَلِكَ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُمَا . وَقَالَ بَعْضُ مَنْ أَلَّفَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ : أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِمَا كَانَ مُبَاحًا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَسُورَةُ الْأَنْعَامِ مَكِّيَّةٌ ؛ فَلَا يُعْتَبَرُ بِمَا فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ ) ، وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : لَمَّا نَزَلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) كَرِهَ الْخَمْرَ قَوْمٌ لِلْإِثْمِ ، وَشَرِبَهَا قَوْمٌ لِلْمَنَافِعِ ، حَتَّى نَزَلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ) ؛ فَاجْتَنَبُوهَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ ، حَتَّى نَزَلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90فَاجْتَنِبُوهُ ) فَحُرِّمَتْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ نُزُولَ الْمَائِدَةِ بَعْدَ الْبَقَرَةِ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : ذَمَّ اللَّهُ الْخَمْرَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : لَا يُقَالُ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِمَا كَانَ مُبَاحًا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ إِبَاحَتَهَا ، ثُمَّ نُسِخَ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ؛ وَإِنَّمَا كَانَ مَسْكُوتًا عَنْ شُرْبِهَا ، فَكَانُوا جَارِينَ فِي شُرْبِهَا عَلَى عَادَتِهِمْ ، ثُمَّ نَزَلَ التَّحْرِيمُ ، كَمَا سَكَتَ عَنْهُمْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ إِلَى وَقْتِ التَّحْرِيمِ . وَجَاءَ : ( وَيَسْأَلُونَكَ ) بِوَاوِ الْجَمْعِ ، وَإِنْ كَانَ مَنْ سَأَلَ اثْنَيْنِ وَهُمَا :
عُمَرُ وَمُعَاذٌ ، عَلَى مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ النُّزُولِ ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَنْسِبُ الْفِعْلَ الصَّادِرَ مِنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْجَمَاعَةِ فِي كَلَامِهَا ، وَقَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ . وَالسُّؤَالُ هُنَا لَيْسَ عَنِ الذَّاتِ ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ حُكْمِ هَذَيْنِ ، مِنْ حِلٍّ وَحُرْمَةٍ وَانْتِفَاعٍ ، وَلِذَلِكَ جَاءَ الْجَوَابُ مُنَاسِبًا لِذَلِكَ ، لَا جَوَابًا عَنْ ذَاتٍ . وَتَقَدَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=17187تَفْسِيرُ الْخَمْرِ فِي اللُّغَةِ ، وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ : كُلُّ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَأَفْسَدَهُ مِمَّا يُشْرَبُ يُسَمَّى خَمْرًا ، وَقَالَ
الرَّازِيُّ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ : الْخَمْرُ اسْمُ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الْعِنَبِ خَاصَّةً ، وَنَقَلَ عَنْهُ
السَّمَرْقَنْدِيُّ : أَنَّ الْخَمْرَ عِنْدَهُ هُوَ اسْمُ مَا اتُّخِذَ مِنَ الْعِنَبِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ ، وَقَالَ :
[ ص: 157 ] إِنَّ الْمُتَّخَذَ مِنَ الذُّرَةِ وَالْحِنْطَةِ لَيْسَ مِنَ الْأَشْرِبَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الْأَغْذِيَةِ الْمُشَوِّشَةِ لِلْعَقْلِ ، كَالْبَنْجِ وَالسَّيْكَرَانِ ، وَقِيلَ : الصَّحِيحُ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ مِنَ الْخَمْرِ . وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْمَيْسِرِ ، وَهُوَ قِمَارُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَاسْمُ الْمَيْسِرِ يُطْلَقُ عَلَى سَائِرِ ضُرُوبِ الْقِمَارِ ، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ . قَالَ
عَلِيٌّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنُ سِيرِينَ ،
وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وَابْنُ الْمُسَيَّبِ ،
وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٌ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَمُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ : كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ قِمَارٌ مِنْ نَرْدٍ وَشِطْرَنْجَ وَغَيْرِهِ ؛ فَهُوَ مَيْسِرٌ ، حَتَّى لَعِبِ الصِّبْيَانِ بِالْكِعَابِ وَالْجَوْزِ ، إِلَّا مَا أُبِيحَ مِنَ الرِّهَانِ فِي الْخَيْلِ ، وَالْقُرْعَةِ فِي إِبْرَازِ الْحُقُوقِ . وَقَالَ
مَالِكٌ : الْمَيْسِرُ مَيْسِرَانِ : مَيْسِرُ اللَّهْوِ ، فَمِنْهُ النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ وَالْمَلَاهِي كُلُّهَا ، وَمَيْسِرُ الْقِمَارِ : وَهُوَ مَا يَتَخَاطَرُ النَّاسُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ عَلَى الشِّطْرَنْجِ : مَيْسِرُ الْعَجَمِ . وَقَالَ
الْقَاسِمُ : كُلُّ شَيْءٍ أَلْهَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهُوَ مَيْسِرٌ .